أحمد زكريا – حرية برس
لم تكتف “إيران” وعبر أذرعها المنتشرة والمتوزعة في عدد من مناطق محافظة دير الزور شرقيّ سوريا، بنشر سياسة “التشيّع” والتغيير الديمغرافي، بل تعدى الأمر إلى بناء “مزارات”، ليبدأ توافد من تسميهم إيران “الحجيج” لزيارة تلك المزارات والمقامات المزعومة.
من طرد “داعش” إلى بناء “الحسينيات”
“مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي” أوضح عبر موقعه الرسمي على الانترنت: إنه وبعد التفاهم الأمريكي الروسي على إنهاء تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا، وبمساعدة طيران التحالف والروس والنظام، استطاع النظام من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، البدء بهجوم على المحافظة لطرد تنظيم “داعش” منها في مطلع تشرين الثاني من عام 2017.
وأضاف “المرصد” أنه وعلى الرغم من دحر تنظيم “داعش” وسيطرة النظام وميليشياته على مدينة “دير الزور” وريفها الشرقي، إلا أن فرحة أبناء الدير لم تكتمل بطرد الظلام الداعشي، إذ إن المليشيات الإيرانية التي ساعدت في معركة دير الزور بدأت عملية تشييع أبناء المحافظة، وبناء “الحسينيات”، ما شكل صدمة حتى للموالين للنظام، وبدأت تلك المليشيات عملية شراء البيوت المدمرة نتيجة القصف.
وأفادت مصادر محلية، أن من يشرف على تلك “الحسينيات” في مناطق بريف دير الزور، “شيوخ دين” من الشيعة الإيرانيين، إضافة إلى المكاتب التي تديرها الميليشيات الإيرانية في المنطقة.
ريف دير الزور الشرقي “حاضنة” لتلك المزارات
وأكدت شبكة “فرات بوست” الإخبارية أن توافد هؤلاء “الحجيج الايرانيون” إلى شرقيّ دير الزور ليس بجديد، مشيرةً إلى أن هذا التوافد كان قد بدأ فور انتهاء العمليات العسكرية أواخر العام 2017، والتي أسفرت عن سيطرة الميليشيات الإيرانية والعراقية على مدينتي “البوكمال، والميادين” شرقيّ دير الزور.
وكشف “صهيب الجابر” الناطق الرسمي باسم الشبكة لحرية برس، عن حصولهم على معلومات تفيد بقيام الميليشيات الإيرانية ببناء عدد من “المزارات، والأضرحة” في عدة مناطق بريف دير الزور الشرقي، لتبدأ باستقبال ما أسماهم النظام والميليشيات “حجاج” وهم من الشيعة ومعظمهم يأتي من إيران.
وقال “الجابر”: إن من أهم تلك الأضرحة والمزارات المزعومة التي شيّدتها طهران حديثاً أو أعادت تشييّدها هي:
-مقام دموع الحسين في منطقة “عين علي” في مدينة “القورية”.
– حسينيات شيعية في بلدتي “حطلة ومراط”.
– خيام لطميات وحسينيات في مدينة “البوكمال”.
– “قبة علي” في بلدة “السويعية” بمحيط “البوكمال”.
في حين، قالت “قناة سوريا الحرة” عبر موقعها الرسمي على الانترنت: إن “الميليشيات الإيرانية أنهت في دير الزور بناء “قبة” فوق أحد الينابيع بريف مدينة الميادين ويسمى “نبع علي”، متخذة إياه مزاراً شيعياً للتبرك به، ومدعوماً من قبل ما يعرف بمزارات آل البيت الممولة إيرانياً، إضافة لعدة مواقع أخرى في مدينة دير الزور وريفها، يتم تجهيزها كمزارات شيعية”.
منظمة “جهاد البناء” لبناء وترميم المزارات
وتحدث “الجابر” عن قيام عدد من المنظمات التي كانت تتخفى وراء الغطاء الإنساني ومن أبرزها “منظمة جهاد البناء” التي بدأت باستقطاب عائلات مقاتلي الميليشيات الطائفية وتوطينهم، إضافةً إلى استئناف نشاط “التشيّع” والترويج له في الريف الشرقي عموماً بمغريات مادية، وعلى الرغم من كل هذه المحاولات لم ينجح “التشيّع” فبدأت الميليشيات بتوطين مقاتليها وعوائلهم وببناء “المزارات والأضرحة” ليقوموا بزيارتها.
وأكد “مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي” ما أفاد به “الجابر” وقال عبر موقعه الرئيسي على الانترنت: إنه وبحجة إعادة الإعمار بدأت إيران بالعمل على توطين عناصر الميليشيات العراقية والأفغانية، في مدن وبلدات محافظة دير الزور.
وأوضحت مصادر المرصد، أن إيران افتتحت منظمة “جهاد البناء” في مدن وبلدات في دير الزور والبوكمال الحدودية، وأشارت المصادر إلى أن الهدف الحقيقي للمنظمة هو شراء العقارات والمنازل بحجة إعادة الاعمار، وذلك لتوطين عناصر الميليشيات العراقية والأفغانية وغيرها، مع العلم أن إيران تسعى من فترة الى نشر التشيّع في المنطقة.
بدورها، أوضحت “قناة سوريا الحرة” عبر موقعها الرسمي على الانترنت، أن “منظمة جهاد البناء الإيرانية افتتحت في وقت سابق مكتباً لها في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، لتمكين شراء المنازل والأراضي الزراعية والعقارات لصالح إيران، إضافة لأهداف استثمارية تتعلق بإعادة الإعمار ونشر التشيّع”.
“الحج” برعاية “هيئة المقامات والمزارات الإيرانية”
ويتوافد “الحجاج الإيرانيون” إلى تلك الأضرحة والمزارات، تحت إشراف ورعاية واهتمام عالي المستوى من قبل ما تسمى “هيئة المقامات والمزارات الدينية” والتي مقرها إيران، حيث يتم تنسيق الأمر ما بين مكاتب تلك الهيئة المتواجدة في المنطقة وبين الحكومة الإيرانية بشكل مباشر، ووفق إجراءات أمنية مشددة.
وفيما يخص أعداد هؤلاء “الحجاج الإيرانيين” الذين بدأوا بالتوافد مجدداً إلى تلك المزارات، أكد “الجابر” أنه لا إحصاءات دقيقة عن أعدادهم، إلا أنه أكد أن الأعداد قدرت بالعشرات أسبوعياً، لافتاً إلى أن معظم هؤلاء “الحجيج” هم من “إيران، ولبنان، العراق، وباكستان”، بالإضافة لأفراد الميليشيات الأفغانية مثل:” الفاطميون، والزينبيون، لواء القدس، وحزب الله، والحرس الثوري، والحشد العراقي ..إلخ”.
الأهالي قلقون والشبيحة رافضون
وفيما يتعلق بردة فعل الأهالي جراء بناء وإعادة ترميم تلك “المقامات، والحسينيات، والمزارات” الإيرانية في مدن وبلدات ريف محافظة دير الزور الشرقي قال “الجابر”: إن الأهالي يشعرون بنوع من القلق والامتعاض جراء ذلك الأمر وجراء عمليات التغيير الديمغرافي التي تسعى لها إيران وأذرعها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه لم يبقَ من الأهالي سوى قلة قليلة كونُ الجميع هجروا تلك المناطق بسبب الاستهداف العشوائي والقصف في البداية ومن ثم بسبب الممارسات الإجرامية والانتهاكات من قبل تلك الميليشيات.
وتابع: إضافة لذلك فإن “شبيحة” النظام أيضاً رافضون لبناء الإيرانيين لتلك المقامات والحسينيات، وبالتالي تمددهم بحجة زيارة تلك المقامات، لافتاً إلى أن نظام الأسد ساعد الإيرانيين بعدة أمور من أبرزها القانون رقم 10 الذي صدر مؤخراً والذي مكنهم من الاستيلاء على ممتلكات المدنيين الفارين من مناطقهم خوفاً من القصف والاعتقالات والعمليات العسكرية.
“جذورٌ” إيرانية في المنطقة
وبيّن “الجابر” في حديثه لحرية برس، أن إيران ومن خلال بناء تلك المقامات وتوافد “الحجاج الإيرانيون” لزيارتها، تحاول تدارك إقصائها من الشرق بموجب الاتفاق الروسي الإسرائيلي، وتريد أن توطن عوائل الميليشيات لتتذرع بأن لهم جذور في المنطقة، وللبقاء بهذه الذرائع الواهية.
ورأى “الجابر” أن الرسالة التي تريد إيصالها إيران أيضاً هي أنها “ستتصرف بمعزل عن كل القوى والدول اللاعبة”. حتى وإن تخلت عنها روسيا، وطبعاً نظام الأسد خارج هذه المعادلة بالكامل لأنه أصبح مجرد “فصيل” مدعوم من إيران وروسيا. وحذر المصدر ذاته من تبعات هذا التمدد الإيراني ومن مخاطر تغيير الديموغرافيا الخاصة بدير الزور، إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه، على حد تعبيره.
عذراً التعليقات مغلقة