كشف تحقيق مشترك أجراه مركزا “444” و “دايركت 36” للصحافة الاستقصائية عن منح الحكومة المجرية سندات إقامة لأشخاص قال إنهم قد يشكلوا خطراً على المجر والاتحاد الأوروبي، أحدهم سوري الجنسية ومقرب من رئيس النظام بشار الأسد.
وكشف التحقيق عن منح الإقامة لرجل سوري يُشتبه في كونه عضواً في شبكة دولية لغسيل الأموال تعمل لصالح مجموعات ضالعة في الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات. كما حصل سوري آخر، وهو على علاقة وثيقة ببشار الأسد، ومدرج في قائمة عقوبات الولايات المتحدة، على تصريح إقامة في هنغاريا.
وجاء ذلك التحقيق بعد أن تلقى المصدر “ظرفاً من مرسل غير معروف قبل أكثر من شهرين. وقد احتوى الظرف على أسماء مواطنين من مختلف البلدان، والذين، وفقا للمرسل، حصلوا على تصاريح إقامة من خلال برنامج سندات الإقامة في هنغاريا”.
وبحسب قانون أقر في المجر عام 2012 والذي أثار جدلاً في الحكومة، فإنه باستطاعة الذين استثمروا ما بين 250 و 300 ألف يورو في السندات الحكومية المجرية الحصول على تصريح إقامة، كما يمكنهم تمديد تصريح الإقامة لأفراد أسرتهم، مما يمنحهم حرية الحركة داخل الاتحاد الأوروبي بأكمله.
ووفقاً لموقع “دايركت 36” فإن الأمر الذي أثار انتقادات حول هذا القانون أن المستثمرين الأجانب “لم يستثمروا في السندات الحكومية للإقامة مباشرة، بل قاموا بذلك من خلال شركات وسيطة محددة ذات هياكل ملكية غير شفافة. وتم اختيار الشركات من قبل اللجنة الاقتصادية للبرلمان دون أي مناقصات عامة”.
وأضاف الموقع “قبل أشهر من وصول المغلفات، قدم لنا مصدر أسماء مجموعة من مشتري سندات الإقامة. تطابق هذه الأسماء العديد من تلك المرسلة في المغلفات. وبالإضافة إلى ذلك، أكد مصدر مطلع على الإجراءات الإدارية التي تجريها السلطات الهنغارية بشأن المهاجرين أن العديد من الأشخاص المدرجين في المظاريف قد تلقوا بالفعل أوراق إقامة مجرية”.
وأكد الموقع أنه من بين مشتري سندات الإقامة سوريين اثنين الأول يدعى “سلمو بازكه” وهو رجل أعمال بارز ذات علاقات وثيقة بنظام الأسد، وقد اتهمته السلطات في إيطاليا بأنه عضو في عصابة دولية لغسيل الأموال والأسلحة والاتجار بالبشر.
والثاني يدعى عطية خوري وهو أيضاً رجل أعمال وتربطه علاقة وثيقة بالأسد، كما أنه مدرج على قائمة العقوبات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية لمساعدته نظام الأسد في عام 2016.
وكشف التحقيق أن سلمو بازكه البالغ من العمر 52 عاماً، مشتبه في كونه عضواً في شبكة إجرام دولية، احتجزته السلطات المجرية مع اثنين من أبنائه عقب مداهمة مركز مكافحة الإرهاب المجري خمسة مواقع في بودابست والريف، وذلك في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي.
يُضاف إلى كونه “أيضا واحداً من آلاف الأشخاص الذين اشتروا سندات الإقامة في المجر”.
وذكر الموقع أن سلمو بدأ ممارسة الأعمال التجارية في المجر قبل 20 عاماً، وتأسست أول أعماله التجارية في بيع الملابس، في عام 1998 ، وبالرغم من أن وثائق الشركة تظهر أن بيع الملابس لم يحقق ربحاً كبيراً ، إلا أنه في أيلول/سبتمبر من عام 2012 – قبل أشهر قليلة من إطلاق قانون سندات الإقامة في المجر – اشترى منزلاً في إحدى ضواحي بودابست، ونقل المقر الرئيسي لشركته إلى هذا الموقع ، وفي عام 2016، أسس أيضاً شركة جديدة، وجعل أبناءه الأربعة شركاء له بالشركة.
وبعد مرور عام ونصف العام ، سجلت السلطات الإيطالية أيضاً اثنين من أولاده الأربعة وهما علاء بازكه (26 عاماً) و محمد بازكه (22 عاماً)، كمشتبه بكونهم أعضاء في التنظيم الإجرامي، إلى جانب سلمو بازكه.
وقبل اعتقاله بقليل، أسس علاء بازكه شركة لتحويل الأموال في وسط مدينة بودابست. وفي فبراير ، أسس أحد إخوة علاء شركة جديدة تقوم بأنشطة الوساطة في نفس العنوان.
خوري لعب دوراً هاماً في الحفاظ على نظام الأسد
أما عن الرجل الثاني، ويدعى “عطية خوري” فقد ذكر الموقع أنه أحد المدرج أسماءهم في قائمة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على 7 شركات و8 شخصيات، في الـ21 من شهر تموز/يوليو من عام 2016، والذين تم تجميد أرصدتهم في الولايات المتحدة، وحظر على الشركات الأمريكية التعاون التجاري معهم. وذلك على اعتبار أن خوري واحد من أهم رجال المال في نظام الأسد، ومسؤول عن انتهاكات حقوق الإنسان.
ووفقاً لوثائق العقوبات، يمتلك عطية خوري ويدير شركة Moneta Transfer & Exchange، وهي شبكة خدمات مالية تتعامل مع صرف العملات والتحويلات النقدية المشابهة لشركة ويسترن يونيون وغيرها من الشركات.
وتوصل التحقيق إلى أن الشبكة التي يديرها الخوري لعبت “دوراً هاماً في الحفاظ على نظام الأسد”، في الوقت الذي أصبح فيه “أكثر عزلة مالياً” بسبب الحرب.
ووفقاً للولايات المتحدة، دفعت حكومة الأسد لدعم هذه الشبكة وتلقى خوري عمولة بعد كل صفقة تجارية. كما ورد أن عطية خوري تعاون مع رجل أعمال سوري يدعى “مدلل خوري”، والذي أدرج أيضاً في قائمة العقوبات الأمريكية في عام 2015، لأنه كان يساعد قوات الأسد على شراء النفط من داعش. وكتبت رويترز أن مبيعات النفط هذه ساعدت تنظيم “داعش” في أن يصبح أكثر المنظمات الإرهابية ثراء في العالم.
كما تشير وثائق العقوبات إلى أن عطية خوري يقوم بنقل الأموال بين سوريا ولبنان وروسيا بناء على تعليمات من رئيس البنك المركزي السوري.
وساعد خوري عائلة الأسد وشارك في إدارة إمبراطورية الأعمال لرامي مخلوف، والذي هو أغنى سوري ورئيس شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية المملوكة للدولة سيريتل. ووفقاً للولايات المتحدة، يقوم خوري بتنسيق الأمور المالية لعائلة مخلوف، كما أنه يشارك في إدارة شركاتهم.
ورأى الموقع أن إدراج هكذا أشخاص مدرجين على قائمة عقوابات ومشتبه بإدارتهم شبكات إجرامية، ناتج عن تقصير في الفحص الأمني الذي تقوم به السلطات، قبل إعطاء سندات إقامة للأجانب.
عذراً التعليقات مغلقة