زياد عدوان – حلب – حرية برس
تعتبر المشافي الحكومية التابعة لنظام الأسد في مدينة حلب من أسوأ المراكز الصحية على الإطلاق وذلك نتيجة الخدمات السيئة التي تشتهر بها، بالإضافة لعدم الاهتمام بالمرضى والإهمال المتعمد من قبل كوادر المشافي الحكومية والذين لا يتجاوز راتبهم الشهري حاجز المئة دولار، وبسبب قلة رواتبهم الشهرية فإن الخدمات الصحية والطبية التي يقدمونها ضمن المشافي الحكومية رديئة جدا مقارنة بالراتب الشهري، ولذلك فإن المدنيين في مدينة حلب يعرفون أن جميع المشافي الحكومية التابعة لنظام الأسد هي من الدرجة العاشرة.
وفي كل ركن وزواية من زوايا المشافي الحكومية التابعة للنظام يظهر الإهمال المتعمد والمتقصد خاصة بالنسبة للمدنيين الفقراء وبعض ذوي جرحى النظام الذين لا يستطيعون تسديد فواتير المشافي الخاصة والتي تبلغ قيمة فاتورة الليلة الواحدة فيها أكثر من ثلاثين ألف ليرة سورية وبعضها تتجاوز السبعين ألف ليرة سورية، وبسبب ذلك قد تفشل بعض العمليات الجراحية بسبب إهمال المشافي الحكومية التابعة للنظام.
ولا يقتصر الإهمال في المشافي الحكومية على انتشار الفوضى وعدم الاهتمام بالمرضى، بل يتعدى الأمر على طريقة استقبال المرضى وعدم الاهتمام بملفاتهم وتأجيل معاينتهم، بحسب الكادر الطبي المناوب في تلك المشافي، كما تعتبر المشافي الحكومية بالنسبة للمرضى أصحاب الواسطات والمحسوبيات من الدرجة الأولى -خصوصاً إذا كانت واسطة المريض أحد ضباط النظام أو قادة الميليشيات- إذ تقدم له الرعاية الطبية اللازمة وكل ما يتعلق بها، بالإضافة لإحضار كل مستلزماته بما فيها الأدوية التي لا تتوفر إلا لأصحاب الواسطات والمحسوبيات.
وعلى الرغم من ارتفاع تكاليفها، تبقى المشافي الخاصة أفضل بكثير من تلك المشافي الحكومية الشهيرة بصيتها السيئ بين أوساط المدنيين، خصوصاً أن بعض المرضى يحتاجون للعناية الطبية الفائقة والتي لا توجد ضمن مشافي النظام فيضطر بعض المرضى ممن هم ميسوري الحال للذهاب إلى المشافي الخاصة، وتتميز هذه المشافي بالخدمات الطبية الجيدة والإهتمام الزائد بالمرضى حتى وإن كانت الحالات المرضية غير خطيرة.
وبالمقارنة بين المشافي الحكومية والخاصة نجد أن جميعها مكتظّ بالمرضى، ولكن اكتظاظ المشافي الحكومية بالمرضى هو نتيجة عدم قدرة المدنيين على تسديد فواتير المشافي الخاصة والتي تبلغ قيمة فاتورة الأسبوع الواحد بالنسبة لمريض بحاجة لمتابعة وضعه الصحي بعد تعرضه لنوبة قلبية أكثر من مئة وعشرين ألف ليرة سورية، حيث أن المشافي الخاصة أصبحت مخصصة فقط للأغنياء ورجال الأعمال وبعض ضباط النظام من ذوي الرتب العالية.
وسجلت خلال الأسابيع الماضية وفاة نحو اثني عشر شخص في المشافي الحكومية التابعة للنظام وذلك بسبب عدم الإهتمام بالمرضى، واستطاعت “حرية برس” التواصل مع ذوي أحد الأشخاص الذين توفي أحد أقاربهم في مشفى الجامعة في مدينة حلب نتيجة الإهمال المتعمد وعدم متابعة المريض والتسويف الذي تسبب بوفاته بعد يومين على إدخاله المشفى، حيث قال: “أصيب والدي بنوبة قلبية حادة و مفاجئة في ساعات الليل، وقد قمنا بنقله إلى مشفى الجامعة بسرعة كبيرة ولكن تفاجئنا بأن الطاقم الطبي المناوب قد بدأ بإهمال وضع والدي وطلب منا إجراء الفحوصات الطبية والتحاليل وبعد ذلك بساعة تم نقله إلى غرفة العناية المشددة وتم الإبقاء عليه حتى الصباح لأن طبيب القلب قد خرج بسبب عدم وجود حالات إسعافية وانتظرنا حتى قدوم الأطباء صباحا، ولكن وضع والدي تأزم جدا و أحد الشرايين قد أصيب بالانسداد وأجري له إنعاش بعد دخوله في الغيبوبة وتمكن الأطباء من إعادته إلى وضعه السابق ولكن طلبوا منا إعادة الفحوصات الطبية والتحاليل مرة اخرى وحاولنا إعطائهم الفحوصات الطبية السابقة ولكن لم يعترفوا بها”.
وأضاف سعيد (اسم مستعار) للشاب الذي توفي والده نتيجة الإهمال المتعمد في مشفى الجامعة بمدينة حلب في حديثه لحرية برس “قمنا بإعادة الفحوصات الطبية والتحاليل وطلبنا إعطائها للطبيب ولكن تفاجئنا بأنه خرج إلى أحد المستشفيات لإجراء عملية جراحية، وقد قالت لنا الممرضة في قسم الاستعلامات أن الطبيب زكريا النايف حال عودته سوف يقوم بإجراء العملية الجراحية لوالدي، ولكن طلبنا منها إرسال طبيب آخر من أجل متابعة وضع والدي ولكنها رفضت وقالت سوف ننتظر الدكتور زكريا لأنه هو المشرف على صحة والدي وباقي الأطباء لديهم مرضى ومتابعات أخرى، وقبل وصول الطبيب كان والدي قد فارق الحياة بعد تعرضه لنوبة قلبية حادة ونتيجة الإهمال المتعمد من قبل كوادر مشفى الجامعة.
بينما لم تسجل أيّ حالة وفاة بسبب الإهمال وعدم المتابعة الطبية في المشافي الخاصة والتي يرتادها رجال الأعمال والأغنياء الذين لا يهمهم المال بقدر ما يهتمون بالمحافظة على حياتهم وتشتهر عدة مشافي خاصة في مدينة حلب بارتفاع تكاليف المبيت فيها لليلة واحدة، ومن أهم هذه المشافي ومن بينها مستشفى الأطفال التخصصي بالقرب من دوار الكرة الأرضية وقرب منطقة المحافظة، ومشفى الكلمة ومشفى الأشتر والذي يقع بالقرب من مبنى المحافظ حيث تبلغ كلفة المبيت لليلة واحدة فيها بالنسبة لمريض أجرى عملية استئصال الزائدة الدودية ستين ألف ليرة سورية، وهذا المبلغ يعادل راتب شهر لعامل في مجال الصناعة.
ويستطيع المرضى الأغنياء أو ضباط النظام خلال مبيتهم في المشافي الخاصة دفع الفواتير للمشفى قبيل انتهاء فترة علاجهم والتي يمكن أن تصل لأكثر من اسبوع في بعض الأحيان، الأمر الذي يعجز عنه المرضى الفقراء والذين يضطرون إلى اللجوء إلى المشافي الحكومية التابعة لنظام الأسد و
عذراً التعليقات مغلقة