وكان نظام ابن حافظ الأسد، في تلك الأيام، قد بدأ يفقد السيطرة على القرى والأرياف المحيطة بالمدن، وأصبح يتعامل معها بالقصف المدفعي، وأحياناً يغير الطيران على أهداف محددة، ولم يكن الأمر وقتها قد وصل إلى مستوى الضرب بالكيماوي والبراميل بقصد تحقيق القتل الجماعي للمدنيين.
وكانت القرى الثائرة في تلك الأرياف ما تزال تحتوي على بؤر صغيرة من مؤيدي النظام، وهؤلاء كانوا معزولين لا يوجد في البلدات والقرى مَن يتعامل معهم بخير أو بِشَرّ.
وفي ذات يوم قُتل رجلٌ من المؤيدين، يكنى بـ”أبو أحمد” وكان الأهالي يلقبونه بـ أبو أحمد المنحبكجي. وكانت الطريقة التي قتل فيها مضحكة، بل ومسلية، فقد كان، بحسب ما روى ذووه، يتناول الطعام مع أولاده، بأمان الرحمن، وسمعوا صوت قذيفة مدفعية قوية نزلت في مكان قريب من بيته، فقام الأولاد وأمهم عن الطعام مذعورين، وهرعوا إلى الفسحة الصغيرة الموجودة تحت الدرج (السلم) الحجري، ودخل بعضهم إلى الممر القريب من الحمام، وإذا بأبي أحمد ينفلت بالضحك، ويقول لهم:
– يا إلهي ما أغباكم، تظنون أن القذائف ستنزل علينا نحن؟ إن العمليات التي يقوم بها جيشنا الباسل، يا أولادي، هي عمليات جراحية بالغة الدقة، يستحيل أن تصيب إنساناً مؤيداً، أو حتى حيادياً. إنها قذائف موجهة ضد الإرهابيين حصراً.
واستمر يتناول طعامه بلامبالاة حتى نزلت القذيفة التالية عليه، وقتلته.
عذراً التعليقات مغلقة