أكدت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، على أنه يجب على المجتمع الدولي أن يتصدى لهجوم نظام الأسد على درعا، مشيرة إلى أن النظام يمنع المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدة للسكان الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة.
وفي إحاطة لها في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول آخر التطورات الإنسانية في سوريا، تحدثت السفيرة جرينفيلد عن ثلاثة جوانب للوضع السياسي والإنساني في سوريا، الهجوم على درعا والحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتدابير بناء الثقة اللازمة من أجل السلام، والوضع الإنساني المتردي.
نظام الأسد يمنع المنظمات الإنسانية من مساعدة المدنيين
واتهمت جرينفيلد نظام الأسد بأنه قتل مدنيين وشرد عشرات الآلاف من الناس، مؤكدة على أنه “يجب أن نتصدى لهجوم نظام الأسد على درعا”.
وقالت إن الحصار الذي فرضه النظام على المساعدات الإنسانية “ترك السكان يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة دون ماء وغذاء وكهرباء ودواء”، مشيرة إلى أن “المنظمات الإنسانية تقف على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة التي تمس الحاجة إليها، لكن نظام الأسد يبعدها”.
وطالبت المندوبة الأميركية نظام الأسد بمنح المنظمات الإنسانية إمكانية الوصول إلى درعا على الفور، حتى تتمكن من إنقاذ الأرواح، وحثّت الأطراف التي لها نفوذ على النظام التوسط لإيجاد حل.
وأضافت أن “هذا الهجوم هو سبب آخر لتكرار دعوتنا إلى وقف فوري لإطلاق النار بما يتماشى مع القرار 2254، ليس فقط في درعا، ولكن أيضاً في شمال غربي سوريا، حيث أدت الهجمات المتزايدة من قبل النظام وداعميه إلى مقتل العشرات من المدنيين، بمن فيهم الأطفال”.
مفاوضات اللجنة الدستورية خطوة حاسمة لتحقيق السلام
وجددت جرينفيلد دعم الولايات المتحدة “للجهود الدؤوبة للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، للتوسط في حل سلمي للصراع في سوريا، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار على مستوى البلاد”، مشددة على أن واشنطن “تدعم بقوة جهود المبعوث الخاص لتعزيز الحوار وسد الفجوات بين جميع الأطراف”.
وأشارت إلى أنه “تحقيقاً لهذه الغاية، هناك خطوات واضحة يمكن لنظام الأسد أن يتخذها، ويجب عليه ذلك، فعندما تجتمع اللجنة الدستورية مرة أخرى، يجب السماح لها بتحقيق نتائج”، موضحة أنه “لقد حان الوقت لأن يتوقف نظام الأسد عن المماطلة وأن يشارك بشكل موثوق، هذه المفاوضات هي خطوة حاسمة في عملية إنهاء القتال وتحقيق سلام دائم”.
إطلاق سراح المعتقلين يعزز العملية السياسية
ومن جانب آخر، قالت المندوبة الأميركية إنه “يمكن لنظام الأسد أن يخطو خطوة للأمام من خلال معالجة محنة المعتقلين والمفقودين”، مشيرة إلى أن “أعضاء مجلس الأمن أعربوا مراراً عن أن هذا من شأنه أن يعزز العملية السياسية”.
وأضافت أن نظام الأسد “يفهم ذلك، ويعلن من حين لآخر عن قرارات العفو المزعومة، لكنه لم يبذل حتى الآن أي جهود ذات مغزى لمعالجة هذه القضية الحرجة”.
وطالبت جرينفيلد نظام الأسد للإفراج الفوري عن عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال المحتجزين بشكل تعسفي، وتبادل المعلومات حول مصير أكثر من 130 ألف سوري مفقودين أو محتجزين بعد أن اعتقلهم نظام الأسد.
معبر باب الهوى شريان الحياة الحيوي ونحتاج إلى فعل المزيد
وحول قضية المساعدات الإنسانية، قالت المندوبة الأميركية إنه “يصادف اليوم أول اجتماع لمجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في سوريا منذ إعادة تفويض الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية عبر الحدود”، مشيرة إلى أنه “بفضل العمل الجماعي من قبل مجلس الأمن، تمت استعادة شريان الحياة الحيوي العابر للحدود في باب الهوى”.
وأوضحت أن نحو 1000 شاحنة شهرياً مليئة بالأغذية والأدوية، بما في ذلك اللقاحات والمعدات اللازمة لمنع انتشار فيروس “كورونا”، ستستمر بالوصول إلى أكثر من ثلاثة ملايين سوري في حاجة ماسة إلى شمال غربي سوريا لمدة عام آخر.
وأثنت جرينفيلد على مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه، مشيرة إلى أنهم “عملوا بلا كلل وبشكل بنّاء للتوصل إلى اتفاق، واتخذوا هذا القرار بالإجماع، وفي أثناء العملية، أنقذوا أرواحاً لا تعد ولا تحصى”، مضيفة أن ذلك “أظهر أنه يمكننا القيام بأكثر من مجرد الكلام، يمكننا العمل معاً لإيجاد حلول وتقديم إجراءات بشأن أكثر تحديات العالم إلحاحاً”.
وأشارت إلى أنه “حان الوقت الآن للقيام بذلك مرة أخرى، لأن الأمين العام للأمم المتحدة والوكالات الأممية، وعشرات المنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا متفقون جميعاً: نحن بحاجة إلى فعل المزيد”.
من جهة أخرى، أكدت المندوبة الأميركية على الاحتياجات الإنسانية في سوريا تتزايد، مشيرة إلى أنه “عدم إعادة فتح معبر اليعربية وباب السلام، يضطر قوافل الأمم المتحدة لعبور المزيد من خطوط السيطرة، والتفاوض بشأن الوصول مع المزيد من جماعات المعارضة المسلحة، ومواجهة المزيد من التأخير في الشحن وإغلاق الطرق”.
وقالت إن “قيود نظام الأسد منعت المواد الأساسية، بما في ذلك حليب الأطفال، من الوصول إلى المدنيين في مناطق شمال شرقي سوريا، من أجل الوصول إلى المزيد من السوريين المحتاجين”، مطالبة النظام بـ “إزالة الحواجز والعقبات التي تحول دون توصيل المساعدات الإنسانية وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية”.
ولفتت المندوبة الأميركية إلى أن “انتشار فيروس كورونا يواصل إجهاد البنية التحتية الصحية الهشة بالفعل والمحدودة في سوريا، ويؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، وهذا يعزز الضرورة الملحة لتحسين وصول المساعدات الإنسانية وضمان قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على تقديم المساعدة المنقذة للحياة دون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا”، مضيفة أنه “تحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي لهذا المجلس أن يعزز ويوسع التزاماتنا الإنسانية خلال الأشهر القادمة”.
واشنطن لن تموّل إعادة الإعمار والعقوبات تستهدف من يسرقون الشعب السوري
من جانب آخر، قالت مندوبة واشنطن إن الولايات المتحدة “ملتزمة، بشكل لا لبس فيه، بدعم جميع السوريين المحتاجين، بغض النظر عن مكان إقامتهم، بما في ذلك تحت سلطة نظام الأسد”.
وأضافت أن “العقوبات الأميركية تستهدف أولئك الذين يسرقون الشعب السوري من خلال ممارساتهم الفاسدة وارتكاب جرائم حرب، وليس المدنيين”، مشيرة إلى أن واشنطن “ستواصل العمل مع المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة لضمان ألا تكون للعقوبات عواقب غير مقصودة”.
وشددت جرينفيلد على أن الولايات المتحدة “لن تموّل جهود إعادة الإعمار على نطاق واسع حتى يتم إحراز تقدم لا رجعة فيه على المسار السياسي”، لكنها أشارت إلى أن واشنطن “ملتزمة بتقديم المساعدة من خلال جميع الأساليب، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط الصراع، والاستثمار في مشاريع الإنعاش المبكر”.
ورحّبت بالجهود التي تبذلها الجهات الفاعلة الإنسانية لتسهيل المساعدة عبر الخطوط، بما في ذلك الدعم المقدم من تركيا والتعاون معها، وحثّت الأطراف الأخرى على فعل الشيء نفسه.
القرار 2254 الطريق الوحيد للحل السياسي
كما أكدت المندوبة الأميركية على التزام الولايات المتحدة بالقرار 2254، مشيرة إلى أنه “بعد أكثر من عقد من الصراع، نحتاج إلى التوصل إلى حل سلمي للصراع وإنهاء هذه الحرب”، مضيفة أن “القرار 2254 يوفر الطريق الوحيد القابل للتطبيق لحل سياسي للصراع السوري”.
ودعت جرينفيلد نظام الأسد إلى “الالتزام بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتنفيذ تدابير بناء الثقة، والمشاركة الكاملة في العملية السياسية”.
كما دعت مجلس الأمن إلى “البناء على الإجماع الذي توصل إليه مؤخراً بشأن إيصال المساعدات عبر الحدود، وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، وإيصالها إلى من هم في أمس الحاجة إليها”.
وختمت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة إحاطتها بالتأكيد على أن مجلس الأمن “لم ينس شعب سوريا ومحنته”.
عذراً التعليقات مغلقة