رُهابُ الزّنزانة
شعر: سليمان نحيلي
تسعُ سنواتٍ على خروجي من السّجنِ
وما زالت تُرهبني الأماكنُ الضّيقةُ والمعتمة ..
ضيقٌ في التّنفّسِ
تسارعٌ في ضرباتِ القلبِ
ارتعاشٌ في الأطرافِ
ورحيلٌ مريرٌ في الذاكرة..
تسعُ سنواتٍ
ومازلتُ أسمعُ صوتَ السّياطِ تكشطُ جلودنا
كما تكشط ُسكّينٌ حراشفَ السّمك …
تسعُ سنواتٍ
ولم تزلْ رائحة ُ الدّمِ المتخثّرِ والموتِ
تشاركني أنفي …
تسعُ سنواتٍ
وما زالت تلفحني أنفاسنا المتجمّعةُ على سقف الزنزانةِ
لتهطلَ علينا قطراتٍ من ربوٍ أو جَرَب ..
تسعُ سنواتٍ
ومازال متشبثاً في مخيلتي
منظر القيحِ يسيلُ من جراحنا
كما يسيلُ دهونٌ حينَ يُعصرُ من إصبعِ مرهم ..
تسعُ سنواتٍ
ومازالَ صراخُ الذين تركتهم خلفَ القضبانِ ينكأُ سمعي ..
تُراني خُنتُهم حينَ تركتهمْ وخرجتُ؟
فيا أُخوةَ السّجنِ سامحوني ..
تسعُ سنواتٍ
ومازالت نُتَفٌ من قميصي السّماويّ
ممتزجةً بلحمي ..
تسعُ سنواتٍ
وما زالت ندوبُ السّياطِ وحروقُ أعقابِ السّجائرِ
تستيقظ ُ على جسدي
لكأنَّ النّدوبَ ذاكرةُ الجراحِ
وكأنَّ لآلامِ السّجنِ ذاكرة ..!
تسعُ سنوات..
منذ تسعِ سنواتٍ
أطلقً الجلادُ سراحي
لكنّه؛
رَماني بزنزانة …
عذراً التعليقات مغلقة