ياسر محمد- حرية برس:
واصل الإعلام الروسي الرسمي وشبه الرسمي، هجومه على نظام الأسد ورأسه (بشار الأسد) في سابقة غريبة فسرها البعض بقرب التخلي عنه، فيما رأى فريق آخر أنها تهدف إلى تحقيق مكاسب إضافية على حساب إيران (المتحكمة الأخرى في نظام الأسد)، وهو ما دفع طهران إلى إيفاد وزير خارجيتها إلى دمشق، حيث سيصل غداً لبحث مخاوف تتعلق بمصالح بلاده ومكاسبها في سوريا.
وفي التفاصيل، نشرت الصحافة الروسية استطلاعاً للرأي أجرته مؤسسة روسية وصفت بأنها “حكومية” دلّ على تصاعد حال التذمر، في سوريا، وتدهور شعبية الأسد إلى مستويات غير مسبوقة، فضلاً عن فقدان الثقة لدى السوريين بأنه سيكون قادراً على إصلاح الموقف وتحسين الأحوال في البلاد.
وحمل الاستطلاع الذي وقع باسم “مؤسسة تابعة للدولة تأسست عام 2005″، إشارات لافتة، في طبيعة الأسئلة الموجهة للمشاركين والأرقام والنسب التي حملتها النتائج، إذ رأى 37 في المائة تقريباً أن الوضع في البلاد غدا خلال العام الأخير أسوأ من السابق، في مقابل 40 في المائة لم يروا اختلافاً، و15 في المائة فقط شعروا بتحسن إيجابي. وفق ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”.
ورأى 71 في المائة من المستطلعين أن “الفساد ما زال المشكلة الأكبر”، في حين أشار 61 في المائة إلى تدهور الأوضاع المعيشية. وتراوحت آراء نسب أخرى بين تحميل السلطة المسؤولية عن الوضع، عبر 40 في المائة يرون أنها “فاقدة للشرعية”، وأرقام أخرى عددت مشكلات حياتية للمواطنين. لكن السؤال الأبرز كان عن تقييم أداء الأسد، ورأى 41 في المائة أنه سلبي، في مقابل ثلث المستطلعين من المؤيدين، ورفضت النسبة الباقية إعطاء جواب.
ويعد نشر هذه النسب من قبل الإعلام الروسي ضربة قاصمة للأسد شخصياً، إذ إن الأسئلة تستهدف شخصه وشرعيته، وهو ما يتم تداوله علناً للمرة الأولى.
وتركز حملة الإعلام الروسي على الفساد لفضح النظام وإظهار ضعفه وعجزه.
وفي آخر مستجدات هذا الملف، شككت صحيفة “برافدا” الروسية في حقيقة وجود معارك بين قوات النظام وتنظيم “الدولة” في منطقة البادية السورية، مشيرة إلى أن النظام يحاول الترويج لهذه المعارك للتغطية على فساد مسؤوليه.
وقالت صحيفة “برافدا”، نقلاً عن المراسل الحربي الروسي الذي يرافق القوات الروسية في سوريا، أوليغ بلوخين، إن الأخبار التي تحدثت عنها وسائل إعلام النظام حول وجود معارك قرب آبار حيان والشاعر بالقرب من مدينة السخنة زائفة.
وأضاف أن إعلام النظام حاول حشد الرأي العام حول وجود معارك في البادية ضد “الإرهابيين” للتغطية على قرار “وزارة النفط والثروة المعدنية” الأخير تقنين ساعات عمل الكهرباء.
وخلصت الصحيفة الروسية إلى أن الوضع الاقتصادي عند حكومة النظام ليس بخير، حيث يسود فيه الفساد في ظل غياب للمحاسبة.
وأضافت أن مسؤولي النظام استغلوا تحسن الوضع الاقتصادي وذهبوا يبحثون عن الثروة عبر رفع أسعار المحروقات وبيعها في السوق السوداء، مؤكدة أن المشكلة الكاملة للأزمة السورية تكمن في فساد السلطات العليا، وأن بشار الأسد ليس له سيطرة على أحد.
وفي الوقت الذي يصعّد فيه الإعلام الروسي ضد الأسد ونظامه، تبدو طهران متأثرة وقلقلة على مصالحها التي يبدو أنها لم تعد تتقاطع بشكل كبير مع “الحليف” الروسي، وهو ما دفع طهران إلى إرسال وزير خارجيتها جواد ظريف إلى دمشق غداً الإثنين، للقاء رأس النظام بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم.
محللون قالوا إن طهران قلقة في هذه المرحلة من احتمالية تحول الاتفاقات التركية- الروسية إلى قواعد رئيسية للاتفاق النهائي في المنطقة، بما يتعارض مع مصالحها ومكاسبها الاستراتيجية.
كما تبدو إيران خارج اتفاق الطرقات الدولية (إم4) (إم5) حيث تقاسمت روسيا وتركيا السيطرة.
وتبقى القيود التي فرضها اللواء علي مملوك (إن صدقت) على ميليشيات إيران في سورياـ مؤشراً كبيراً على تراجع الدور الإيراني لصالح الروسي، ولعل في الحجر الصحي الذي فرضه النظام على عناصر من ميليشيا “فاطميون” في دير الزور، أمس، إشارة على تراجع سطوة تلك العصابات ومسيّرها الإيراني، إذ لم يكن نظام الأسد يجرؤ على التصرف في أي شيء يتعلق بإيران وأجهزتها التي هي تدير نظامه وليس العكس.
عذراً التعليقات مغلقة