ترى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن البرقع (النقاب) يحول دون دمج المهاجرين واللاجئين في المجتمع. وقالت ميركل في تصريحات لصحف شبكة التحرير الصحفي بألمانيا في عددها الصادر اليوم الجمعة: “من وجهة نظري قلما تمتلك سيدة تغطي وجهها تماما في ألمانيا أية فرصة للاندماج”.
ولم تحدد ميركل في تصريحاتها إذا ما كان ممكنا حظر ارتداء البرقع في مجالات معينة أم لا، وقالت: “إن الأمر يتعلق في هذا الشأن بعملية تقدير سياسية وقانونية، ومن أجل حلها يحظى وزير الداخلية (الاتحادي) توماس دي ميزير بكامل دعمي”. يُذكر أن دي ميزير استبعد فرض حظر عام على ارتداء البرقع في ألمانيا.
من جانب آخر، تعهدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مجددا بتعزيز الأجهزة الأمنية في بلادها من أجل مكافحة الإرهاب. وقالت ميركل في مقابلة مسجلة بالفيديو نشرها حزبها المسيحي الديمقراطي اليوم الخميس(18 آب/أغسطس): “إننا نقوم بكل ما هو ممكن إنسانيا من أجل ضمان الأمن. ويتعين علينا دائما التفكير في بدائل جديدة لتحقيق الأمن في المواضع التي يوجد بها ثغرات”.
وأوضحت أنه يندرج ضمن ذلك زيادة أفراد الشرطة وتكثيف المراقبة بالفيديو في الأماكن العامة، فضلا عن إمكانية وضع لوائح قانونية جديدة لوسائل الإعلام. ويشار إلى أن ميركل أعلنت عن “حزمة شاملة” للاتحاد المسيحي الذي تتزعمه في هذه المقابلة.
وأكدت المستشارة الألمانية ذلك، أمس الخميس خلال فعالية انتخابية بمدينة ريبنيتس-دامغارتن بولاية مكلنبورغ- فوربومرن الألمانية وقالت: “إننا بحاجة للمزيد من أفراد الشرطة، (…) إننا بحاجة أيضا للمزيد من الأشخاص في الأجهزة الأمنية وفي مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) وفي المكتب الاتحادي لمكافحة الجرائم مثلا”.
على صعيد آخر، أعرب محامون في ألمانيا عن تشككهم الكبير في دستورية فرض حظر عام على ارتداء البرقع (النقاب) في ألمانيا. وأوضح الاتحاد الألماني للمحامين اليوم الخميس في العاصمة برلين: “إن حرية العقيدة تشمل أيضا الحق في التعبير عن العقيدة، والتصرف بناء عليها. ومن أجل تحجيم هذا الحق الأساسي، هناك حاجة لأسباب قوية”.
يذكر أن وزراء الداخلية المحليين المنتمين لاتحاد ميركل يعتزمون التشاور اليوم الخميس وحتى الغد الجمعة في العاصمة برلين حول تحقيق الأمن الداخلي في ألمانيا.
وتضمنت مسودة الوثيقة النهائية الخاصة بوزراء الداخلية المحليين، والتي تم إعلانها قبل بضعة أيام، دعوة لحظر ارتداء الغطاء الكامل للوجه، إلى جانب دعوات كثيرة تتعلق بالسياسة الأمنية للبلاد من بينها، مثلا إلغاء حق ازدواجية جواز السفر.
وقد أثار الموضوع ولا يزال يثير جدلا واسعا في الصحف ووسائل الإعلام الألمانية، فقد كتبت صحيفة “سود دويتشه تسايتونغ” الصادرة في ميونيخ تعليقا قبل أيام جاهرت فيه بوضوح بوقوفها مع منع النقاب أو البرقع وتقول:
“قد يكون غطاء الرأس من جوهر العقيدة الإسلامية، ولكن حجب الجسم بشكل كامل هو عبارة عن بيان سياسي. فالنقاب المستعمل في بلدان الخليج والذي يُظهر العينين فقط هو رمز يدافع عنه المتشددون الذين يحكمون هناك حيث يترعرع التطرف. وهم يعلنون صراحة عداءهم للقيم الغربية، كما يناهضون الغالبية العظمى للمسلمين في العالم. وأصبح النقاب بالتالي معيارا للتعصب والتطرف السياسي، ذلك أن امرأة تحمل النقاب لا يمكن أن تتمتع بالمساواة مع الرجل، حتى لو قامت بذلك بشكل طوعي. من يقبل بالنقاب يتجاهل مقاومة المسلمين المستنيرين ضد السم الذي يمثله الإسلام السياسي ويستهزئ بالتالي بكفاح الغرب من أجل المساواة”.
صحيفة “سود دويتشه تسايتونغ” كتبت تعليقا آخر حول الموضوع مُستحضرة التجربة الفرنسية بالقول:
“وفق بيانات السلطات الفرنسية، ارتفع عدد السلفيين في البلاد منذ عام 2010. ولا عجب في ذلك، فليس هناك أي إمام متطرف يقبل بتنفيذ قواعد اللباس التي تحددها الدولة لمؤمنيها. من المرجح أن يكون العكس هو الصحيح: منع البرقع (النقاب) يعطي السلاح لكل المتشددين، ليعيدوا تأويل قانون بأهداف ليبرالية، وتفسيره كقانون غير ليبرالي يتآمر على المسلمين”.
بيد أن أسبوعية “دي تسايت” الصادرة في هامبورغ علقت على الموضوع من زاوية مختلفة وكتبت تقول:
“إن منع البرقع (…) وبغض النظر عن الصعوبات الحالية والقدرة على تطبيقه سيكون إشارة سياسية وثقافية هامة، بما في ذلك اتجاه النساء المحجبات القادرات على المشاركة في مجتمعنا، حينما يحققن شرط أساسيا وهو أن يصبحن مرئيات”.
أما صحيفة “ماين ـ بوست” من فورتسبورغ فعارضت في تعليقها منع النقاب والبرقع وكتبت معلقة:
من الصعب تصور أن المساواة بين الجنسين ستتحقق هكذا بعد منع البرقع (النقاب)، وأن ذلك سيعمل على تحسين الاندماج. من المرجح أن يحدث العكس: فقد يندثر البرقع من الأماكن العامة، ولكن ستختفي معه اللواتي يرتدينه. وإذا اقتضى الأمر سيكون مصيرهن البقاء في البيت والانعزال عن العالم والبقاء بالتالي ضحية للاضطهاد. كلا، فمهما تم تفهم الأصوات الداعية لحظر البرقع من الأماكن العامة، فإن مجتمعا منفتحا يتميز بتسامحه مع الآخرين الذين يفكرون بطريقة مختلفة”.
* المصدر: “دويتشه فيله”
عذراً التعليقات مغلقة