منذ مئات السنين وعند كلّ زلزلة ونازلة واختلال واحتلال وثورة وحرب وقيامة يتم إسقاط أحاديث الفتن ليقول مروّجوها من أعوان الطغاة والبغاة والمحتلّين والمستبدّين وأتباعهم الذين انتهجوا نهجهم: ” أصبحنا في زمان فتنة لا يُعلم فيه الحقّ من الباطل” ..
ويعبّر عنه بالعامّيّة اليوم: ( ضاعت الطاسة ) ..
بداية:
لماذا يفترض أنّ عدم علم هؤلاء ( وضياع طاستهم ) كاف للاعتداد به؟!
هل هم الحليم الحيران مثلا؟!
وأين موقعهم أوّلًا من الحدث ليعلموا؟!
وكيف لمنفصل عن الواقع أن يعلم؟!
وإذا قرّر أن لا ينفصل فممّن سيسمع؟!
وما هي قدرته على فلترة ما يسمع إن لم يشهد ويشاهد؟!
إذن ..
إمّا أن يشاهدوا ويشهدوا ..
أو فليصمتوا ..
أمّا أن يختفي أصحاب هذا النّهج تمامًا عن المشهد بدعوى اعتزال الفتن …
لنجدهم بعد ذلك يدلون بدلوهم في صالح باطل واضح صارخ وقح لا لبس فيه بحجّة التباس الحقّ المقابل ببعض باطل، أو أنّهم في زمان لا يُعلم فيه الحقّ من الباطل ..
فهذه من أعاجيب زمان هم من شكّلوا هذا الفكرَ الملتبس المتخبّط فيه …
فعلى من أراد أن لا يشتبه عليه الحقّ بالباطل؛ أن يسير في الأرض ليشهد حال أمّته …
ويتفكّر في سنن الله في كونه وكتابِه المنظور …
ويحرص على تدبّر كتابه وكونِه المسطور …
فبالتدبّر والتّفكّر تُفتح أقفال القلوب والعقول …
وإنّ حرصنا على معرفة الحقّ والباطل لا بدّ أن يصحبه حرص على اتّباع الأوّل واجتناب الأخير.. وإلّا كانت معرفتنا حجّة علينا …
اللّهمّ أرنا ـ جميعًا ـ الحقّ حقًّا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعلهما علينا متشابهين فنتّبع الهوى فنضلّ !!
عذراً التعليقات مغلقة