محمود أبو المجد
هي جملة بغيضة يتداولها محبو العبودية وعشاق بالروح بالدم نفديك يا بشار، هي جملة لو يفهم قائلها ما وراءها لم يكن ليقلها. “لم ثرنا؟” شاعت هذه الجملة في الآونة الأخيرة وبداياتها كانت مع بداية دخول المحتل الروسي، ولربما أكثر من كان يكررها هم الضعفاء، ولا يقصد بهم ضعفاء البنية، بل الضعفاء في حمل القضية، القضية التي في حال تحققت أهدافها سيعلم ذلك الضعيف ما معنى كلمة الثورة، وسنستشهد ببعض الأمثلة التي قد تغير بعضاً من معتقدات هؤلاء ممن بقي لديه عقل يتدبر به.
أذكر في ذلك العام قبل الثورة بسنتين تقريباً، وتحديداً مع بدايات عام 2009 وبعد سوقنا إلى الخدمة الإلزامية وصلنا إلى القطعة العسكرية التي فرزنا لها، وكان وصولنا متأخراً بصحبة رقيب في الجيش لم يدخر جهداً ولا كلمة في الإبداع بالشتائم والسباب وشتم الذات الإلهية، واكتشفنا فيما بعد أن ذلك أمر من القيادة العليا في الجيش بهدف تكسير معنويات المجندين على حد زعمهم، وهذا درس من دروس التوجيه السياسي؛ ليكون المجند مجرد عبد يطيع ما يقال له.
وفي الليلة التالية كان أحد المجندين يصلي ليلاً بعيداً عن الأنظار (كأننا في دولة ليست مسلمة) وحينها كان “الفسفوس” حاضراً، وهو شخص ينقل أخبار ما يحصل بين المجندين للرتبة الأعلى، حيث أن هذا عرف معروف في الجيش السوري على حد زعمهم بهدف التفرقة بين الأصدقاء وزرع الخوف في قلوبهم، وبعد أن وصل الخبر إلى الضابط المسؤول استُدعي ذلك المجند وبدأت عملية التعذيب أمام المجندين جميعهم، وترافقت عملية التعذيب بأبشع الكلمات البذيئة، وجرمه كان الصلاة فحسب، ويقول لنا المذبذبون “لم ثرنا”.
ومن الأمثلة الرائجة والتي لا ينكرها حتى رأس النظام الرشاوى والمحسوبيات، فبعد أن يتخرج الطالب من جامعته ينتظر فرجاً من الله عبر الإعلان عن مسابقة توظيف في إحدى المؤسسات الحكومية، وهنا يبدأ الماراثون التوظيفي واللهاث وراء فرصة بالتوظيف، ويتقدم إلى الوظيفة أكثر من 10 آلاف خريج جامعي والمطلوبون شخصان فحسب، ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم، والحظ هنا هو الدعم المادي أو دعم أحد المسؤولين أو……، ويعود البقية إلى منازلهم لحل الكلمات المتقاطعة، وتقولون “لم ثرنا”.
ثرنا وثورتنا على حق ومن كان على حق سينتصر مهما طال الزمن، والباطل سيندحر هو ومن وقف معه.
Sorry Comments are closed