حنين السيد – إدلب – حرية برس
“ما عندي حدا غير الله “جملة أنهت بها الحاجة “تركية” صاحبة السبعين عاماً، حديثها عن حياة يحتويها الفقر ويكللها ألم الفقدان والوحدة حبيسة العتمة التي حلت عليها بفقدان نظرها بعد أن توفي زوجها قبل عشرين عام.
تمضي الحاجة “تركية” أيامها وحيدة في جبال قرية “أم نير” جنوبي إدلب داخل غرفة صغيرة “قبة” لا أولاد لها ولا معين حيث لم ترزق بأطفال ليكونوا لها عوناً وأُنساً فيما بقي من عمرها.
تعاني الحاجة من مرض في عينيها وتحتاج لزراعة قرنية إلا أنها لا تملك تكاليف العملية التي تحتاجها ولا حتى سبيلاً للعيش، إنما تعيش على القليل من الصدقات وتستجمع ما تبقى من قواها لتطهي قوت يومها البسيط بمساعدة جاراتها اللواتي تقضي معهن بعض الوقت حين يأتين لزيارتها أو عندما تذهب إليهن بنفسها محاولة أن تقاوم وحدتها قليلاً.
فتخرج من منزلها الذي لا يعرف سوى صدى صوتها، ممسكة بعكازها الذي تتكئ عليه لتتجاوز عقبات الطريق بمساعدة قدماها اللتان لم تعدا تقويان على المسير.
في ذلك البيت الصغير الذي تحدده بضعة أقدام تجد فيه أبسط وأقل ما يلزم الإنسان للاستمرار حياً، حيث ترتسم على جدرانه لوحات البرد والوحشة وتتوسطه مدفأة قديمة توقد يوماً وتطفأ أياماً، إذ لا وقود لديها ولا نقود لتشتري حاجتها.
تجلس الحاجة تركية قبالة منزلها في كل يوم مشمس تنتظر من يعيد النور لعينيها ويضيء لها عتمة أيامها التي زادت عليها قسوة الحرب حلكة.
عذراً التعليقات مغلقة