“أبو وائل” قصة نزوح وألم مستمر

فريق التحرير27 مارس 2019آخر تحديث :
يعاني “أبو وائل” وولده المعاق من أوضاع إنسانية صعبة – عدسة: وليد أبو همام – حرية برس©

وليد أبو همام – حرية برس:

يُطرق الباب عند الثانية عشر ليلاً بشكل جنوني، فبستيقظ كل من في البيت، يذهب “أبو وائل” ليفتح الباب، ثم ترتسم على وجهه علامات الخوف والذهول، حيث يتفاجأ أن الطارق كان واحداً من شبيحة النظام.

كانت مدينة حماة في بدايات الثورة تتحول ليلاً إلى مدينة أشباح، لا يتجول فيها إلا الذئاب البشرية التي تبحث عن فريسة، وقع الاختيار في تلك الليلة على بيت “أبي وائل”، الذي فتح باب بيته وفوجئ بالرجل الذي يطرق الباب في ساعة متأخرة يطلب أن يوصله بالسيارة إلى مكان ما، فقال له “أبو وائل” إن نظره ضعيف، ولا يستطيع القيادة ليلاً، كما أن ملكية السيارة لا تعود له، وإنما يعمل عليها بصفته سائقاً، لكن الشبيح أصرّ على ذلك، ثم طلب مفاتيح السيارة، حينها أدرك “أبو وائل” أنه لا مفر، واضطر إلى الذهاب معه.

لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها في مسيرة أبي وائل، لكنها بدت له أكثر صعوبة من استدعائه إلى الأفرع الأمنية بين كل فترة وأخرى، و بدأ يشعر بخوف أكبر تجاه عائلته، فقرر أن فكرة ترك منزله ومغادرة المدينة هي الحل الأمثل.

مضى على نزوح أبي وائل خمس سنوات، غادر خلالها بيته ومدينته وانتقل إلى العيش في ريف إدلب الجنوبي، برفقة زوجته وبنات ثلاث، وابنه عبد الحكيم ذي الثمانية عشر عاماً، المصاب بشلل رباعي، و قد اشتد به ضيق الحال في وسط تلك الظروف الصعبة، إذ كان عليه أن يؤمن المال من أجل سداد نفقات السكن، وإعالة العائلة.

لم تنته مأساة أبي وائل رغم مصابه الكبير، فقد أغارت طائرات النظام على القرية التي نزح إليها، وأصيب بشظايا عدة سببت له كسوراً في الجمجمة والساق، ما أفقده القدرة على التحكم بعضلة جفنه وجعله عاجزاً عن المشي، فانتقل مع عائلته للعيش في أحد المخيمات بسبب عجزه عن متابعة العمل.

تسبب عجز أبي وائل وعدم قدرته على العمل بألم داخليٍّ كبير، فما كان من زوجته إلا أن تطوعت للعمل كي تخفف من مصاب زوجها، حيث عملت في قطاف الزيتون والبساتين لتكفي عائلتها وزوجها سؤال الناس.

قبل شهر من الآن فارقت “أم وائل” الحياة ورحلت عن زوجها وأولادها، تاركة في حياتهم مكاناً فارغاً يصعب ملؤه، يقول “أبو وائل” بعد الانكسارات المتتالية التي عانى منها: “لا أتمنى شيئاً سوى الخلاص من هذا الطاغية الذي أوصل البلد إلى هذه الحال”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل