الأغاني السياسية في مصر: حرب على الاستبداد والمفاهيم الخاطئة

فريق التحرير23 مارس 2019Last Update :

ميدان التحرير في مصر في ثورة 25 يناير – أرشيف

جهاد الحداد إسماعيل-القاهرة-حرية برس:

تلعب الأغاني الوطنية دوراً مؤثراً في الأحداث السياسية، فمنذ القديم حرص الفنانون على تقديم أغاني تعبر عن مشاعر وأحاسيس وآمال المصريين.

وكان للفن دائماً دوره الفعال والمؤثر بشكل إيجابي في المجتمع، ذلك أنه يحتل مكانة كبيرة ومهمة بالنسبة إلى الفرد، كما له أثرٌ واضح على الوضع السياسي والتماسك الاجتماعي، لأنه يشكل أداة للتفاهم العالمي، والموسيقى لغة عابرة للحدود.

يأخذ الفن هذه الأهمية عبر العصور، كونه أحد الأمور التي ساهمت في تطورالبشرية نحو الأفضل، وتحسين أساليب حياة الإنسان، إذ أن حضارة وتقدم الشعوب تُقاس من خلال الفنون.

ومما لا شك فيه أن هذا الدور يصبح أكثر بروزاً في ظل الثورات والحراكات السياسية، فقد ظهر دور الفن بقوة منذ قيام  ثورة 25 يناير وحتى وقتنا الحالي، حيث برزت أهمية الغناء في تحريك مشاعر المصريين والتعبير عن مطالبهم بقوة.

فقد لاقت أغنية “تذاكر يا هانم” التي تعود ملكيتها أصلاً إلى فرقة “عمدان النور”، رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن انتشرت مؤخراً بصورت الفنانة “عبير الشاذلي”، التي كان أداؤها لها أكثر من رائع، وحقق المقطع المتداول رواجاً كبيراً ونسب مشاهدة عالية.

تناولت الأغنية حالة الخوف والجوع ومعركة الوعي، وأوضحت عجز النظام المصري عن إيجاد حل للأزمات المتتالية التي يعاني منها غالبية الشعب المصري، وكان لها دور كبير في تحريك الوعي لدى المواطن المقموع من الطغمة الحاكمة، الذي لا يستطيع التنفيس عما يعتمل في داخله من قهر سوى عن طريق الفن.

كما انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي مجموعة من الأغاني المنددة بالحكم العسكري، وذلك بالتزامن مع الذكرى الخامسة لانقلاب 3 تموز / يوليو 2013 ،مثل “زي الحمام طايرين”،التي انتقدت اعتقال الجهات الأمنية فتيات معارضات لحكم الرئيس الحالي “عبد الفتاح السيسي” وقد شاهدها ملايين المصريين.

وعن دور الفت وأهميته، قال المخرج “عز الدين دويدار”، إن ما تحتاجه الشعوب في الوضع الحالي، هو ما أطلق عليه اصطلاح “فن المجتمع”، وأكد “ضرورة إتاحة الإمكانات اللازمة كي يستطيع أن يدخل في منافسة اقتصادية وتجارية للحصول على دعم وإعجاب الجمهور، كي ينتشر ويصل إلى شرائح واسعة ويؤثر فيها بالتراكم ويدفعها إلى التغيير، ذلك أن الفن يعدّ عاملاً مؤثراً ومرعباً بالنسبة إلى الأنظمة الاستبدادية”، على حد تعبيره.

بدوره، قال الفنان “عماد حمدي” رئيس فريق “أبو العيال”، المناهض لحكم العسكر في مصر، في حديثه لـ”حرية برس”: “لقد كانت الأعمال الفنيه حاضرة في الثورات كلها، وكان حضورها لافتاً في ثورات الربيع العربي وغيرها من الثورات في البلاد الغربية، ولطالما أيقظت الأعمال الفنية الوعي والعزيمة لدى الجماهير، وذلك ليس بالأمر الجديد، حيث كان لأناشيد الغزوات دور في صحوة الناس ودعوتهم إلى الخير منذ عصر الرسول محمد (ص)”.

وأضاف: “لقد ازداد تأثير الفن بفعل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائيه، وظهر ذلك الأثر في سرعة انتشار بعض الأعمال؛ مثل “بلحة يا بلحة” و”صبح على مصر بجنيه”، حيث حققت ملايين المشاهدات؛ لأن هناك شريحة واسعة من الناس الذين يفضلون هذا النوع من التعبير، ولا يرغبون في النزول إلى الشارع للتعبير عن مواقفهم”.

وأشار أن الفن يحقق هدفين متوازيين؛ أولهما توعية الجيل الجديد بالمعنى الحقيقي للوطنية والحرية، والثاني هو تقديم الدعم لأصحاب الموهبة.

وعن رده بخصوص اتهامه الإعلام المصري له باستغلال الأطفال في زعزعة استقرار الدولة، أكد “أنه يحاول تصحيح “المفاهيم الخاطئة” -في تلميحٍ إلى حقيقة الانقلاب العسكري- التي يتعلمها الأطفال في المدارس، لأن الأطفال أمانة وعلينا أن نحسن حمايتهم”.

ويؤكد “حمدي” أنه “من الطبيعي أن يكون أهل الفن فى مصر من أسبق المواطنين إلى الثورة ضد الطغيان، لأن الفن فى أى زمان ومكان من ضرورات الحرية والحرية من ضروراته، ولأن الفنان بطبيعة عمله أرهف حساً وأعمق شعوراً بمعاناة الظلم وآلام القيود التي تكبلهم بها الطغمة الحاكمة، فهو بالتالي أكثر ضيقاً وتبرّماً بكل ما يعوق انطلاقه، وكل ما يمس مقدساته من المبادئ والمثل العليا”.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل