اعتبر الكاتب ماكس بوت قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان هدية لكل من بشار الأسد ومليشيا حزب الله؛ إذ سيجدانه فرصة للتعبئة والحديث عن مقاومة الاحتلال، بدلاً من صورتهما كجزارَين بحق الشعب السوري.
وقال بوت في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية: إن “قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السوري خطأ آخر يرتكبه ترامب في الشرق الأوسط”.
وأشار إلى أن ترامب بقراره هذا “يخرب إحدى الركائز الأساسية للنظام العالمي لما بعد عام 1945، الذي يقول إنه ليس بإمكان أي دولة تغيير الحدود الدولية بالقوة”.
ويمضي الكاتب، قائلاً: “لقد تم إدراج السلامة الإقليمية عقب الحرب العالمية الثانية بعد أن توافق عليه الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عام 1941، بما عرف بميثاق الأطلسي”.
بوت يقول إن من بين ما ينص عليه هذا الميثاق “ألا تسعى البلدانُ للتوسع وتغيير حدودها الجغرافية”، وإنهم لا يرغبون في رؤية أي تغييرات إقليمية لا تتفق مع رغبات الشعوب.
واستطرد قائلاً: “هذه هي المبادئ ذاتها التي تم التوافق عليها ضمن المادة 2 في ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، والتي نصت على أنه يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستخدام القوة ضد السلامة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي لأي دولة”.
وتابع الكاتب: “يكمن المبدأ المقدس للسلامة الإقليمية في صميم قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي تم تبنيه بدعم إسرائيلي عام 1967 بعد أن خاضت إسرائيل حرب الأيام الستة”.
هذا القرار نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها، والاعتراف بسيادة كل دولة في المنطقة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، وخالية من التهديدات أو أعمال القوة.
بقبول هذا القرار، يقول الكاتب، وافقت الدول العربية والسلطة الفلسطينية، بحكم الأمر الواقع، على حق إسرائيل في الوجود، وأن تترك الحدود الدقيقة لاتفاق الطرفين، وأدى ذلك إلى اعتراف مصري-أردني بالدولة اليهودية لاحقاً، وإلى مفاوضات مطولة مع الفلسطينيين حول الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع السوريين حول مرتفعات الجولان، حيث لم يتم التوصل إلى اتفاق الوضع النهائي مع الفلسطينيين على الإطلاق، ولم يتم التوصل لاتفاق مع السوريين.
بوت أضاف قائلاً: “لقد قتل ترامب هذه التفاهمات، ومن ثم فإنه قدّم هدية لحزب الله وبشار الأسد من خلال السماح لهما بالوقوف كمقاومة للاحتلال الإسرائيلي، بدلاً من الاعتراف بأنهما جزاران بحق شعوبهما”.
في جانب آخر يرى الكاتب أن “ترامب اتخذ هذه الخطوة -الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان- قبل الانتخابات الإسرائيلية فكانت بمثابة هدية لبنيامين نتنياهو”.
وقال: “يدّعي ترامب أن قراره بشأن مرتفعات الجولان يشبه قراره الذي أصدره العام الماضي، والذي يقضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكنه مخطئ”، موضحاً أن “خطوة نقل السفارة صدّق عليها الكونغرس، وهي التي سبق أن وعد بها الرؤساء الأمريكيون الواحد تلو الآخر، ولكن لم يسبق أن اعترف أي رئيس بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان”.
وأضاف: “لقد أيد الرئيس رونالد ريغان قرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 1981، الذي اعتبر قرار الضم لاغياً وباطلاً، كذلك أجمع الرؤساء السابقون الذين التزموا مبدأ السلامة الإقليمية”.
ويرى الكاتب في ختام مقاله، أن “قرار ترامب سيُدخل السعادة ليس على نتنياهو وحسب، وإنما أيضاً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ”.
Sorry Comments are closed