تفسير الألوان
(الفصل المفقود من كتاب ابن سيرين)
سليمان نحيلي
1- الحلم
قالت لي إمرأةٌ بالأمسِ
عيناها شجرُ الغوطةِ
المائلِ للذّبولِ:
رأيتُ في الحلمِ زوجي وأولادي
وألواناً كُثُرَ
حمراءَ
وسوداءَ
وزرقاءَ
وبيضاءْ
وسمعتُ صوتَ بكاءْ
وإني طفتُ العرّافاتِ بحلمي هذا..
فعجزنَ على التأويلِ
وقالَ نفرٌ من أقصى المدينةِ أن أسعى إليكَ
فأتيتُ إليكَ، فخبّرني عن قصة حلمي..
2- التفسير (الفصل المفقود)
يقول ابن سيرين جدّي:
وإنْ رأتِ امرأةٌ في الحلمِ في زمنٍ يأتي على الشّامِ
ألواناً كُثُرَ وأبناءْ
وإن سمعتْ صوتَ بكاءٍ
يلفُّ الأنحاءْ…
فثمّةَ موتٌ قادمٌ
والموتُ ألوان:
الأحمرُ: حرقاً بالنارِ
لتؤولَ الجثثُ إلى فحمٍ
ويصيرَ الموتُ اللونَ الأسود
الأزرقُ: لونُ البحرِ
إمّا يعبرهُ لاجئونَ على متنِ زورقٍ خفيفٍ
فتصلُ الشّطَّ حقائبُهم
ولايصلُ .. منهمُ أحدْ…
الأبيضُ: لونُ الثّلجِ
وحَمامُ الجامعِ
أمي في ثوبِ الحجِّ
أزهارُ ياسمينةِ بيتنا هناكَ
وطهرُ المريميّة ِ عند الدعاء…
فكيف .. كيفَ تنكّرتَ يا موتُ بلونِ السلامْ..
خدعتنا
خدعتَ ياثلجُ شعبَ الخيامْ…
لونُ الفزَعِ: ظلُّ النّصلِ على العنقِ
بأيدي اللئامْ…
ساعةُ الغارةِ على الحيِّ
والناسُ نيامْ…
لونُ السّقوط الحرّ: طلقةُ قنّاصٍ غادرةٌ في الرّأسِ
إثرَ شهيقٍ يُورّثُ المغدورُ زفيره لأمهِ وأبيه…
3- ما أضافهُ الرّاوي
الموتُ غياباً: ألمُ آخرِ خطوةٍ على أرضِ الوطنِ قبل الولوجِ في المنفى؛
وحسرةُ التّلفُّتِ إلى الوراءِ…
ما علَقَ على ثيابي من غبارِ الطريقِ
وما تحشّدَ مِنْ غصّةٍ في الحلْقِ
حينما شربتِ المسافاتُ معالمَ الوطنْ…
لونُ الدّمعِ عند هبوبِ الحنينِ
وانقطاعُ الّلحنِ
في عزِّ الشّجنْ ..
4- ذات شروق
هكذا يكتملُ قوسُ قزحٍ بلونِ الموتِ في بلدي..
هكذا ترتبكُ السماءُ بلونٍ واحد ..
لكنّ شمساً ستشرقُ
إذا ما ناغى طفلٌ في عراءِ المخيّمِ
فيمّحي هذا النّحيبُ الطويلُ
وينساح ُ في السّماءِ
سَنَا الحياةِ …
Sorry Comments are closed