مجزرة مسجدي نيوزيلاندا وتبعاتها

محمود أبو المجد23 مارس 2019Last Update :
محمود أبو المجد

استفاق العالم في صباح الجمعة الفائتة على مجزرة مروعة، راح ضحيتها أكثر من 50 شخصاً مسلماً وأصيب آخرون.

أجريت العملية بأبشع صور الإجرام والإرهاب المتطرف في العصر الحديث، وأظهرت مدى حقد القاتل على المسلمين، حيث استهدفهم في مكان عبادتهم، ما يجعل من غير الممكن أن تنتفي صفة الإرهاب عن هذه المجزرة البشعة بحق مصلين لا ذنب لهم سوى أنهم يمارسون طقوس عبادتهم في مسجدهم. وما زاد المشهد فظاعة تصوير المشاهد وكأن القاتل يلعب بإحدى الألعاب الإلكترونية، متلذذاً بقتل المصلين في أثناء وقوفهم بين يدي ربهم.

كانت المجزرة قد تمر مروراً عابراً بحسب الرأي العام المسلم، وقد ضجت وسائل التواصل بها، مع تأكيدات على أن القاتل سيخرج بريئاً بعد إظهاره بمظهر المجنون.

هل سيكون للمسلمين كلمتهم وردهم على هذه المجزرة؟ كلنا نتذكر حادثة صحيفة شارلي إيبدو التي قتل فيها 12 شخصاً، التي ضج العالم بها بداية عام 2015، وعلى الرغم من أن الصحيفة أساءت برسوماتها إلى الرسول “محمد صلى الله عليه وسلم”، إلا أن الحادثة لاقت ردود فعل غاضبة من المسلمين قبل الغرب، لكن هذا لم يسقط صفة الإرهاب عن الإسلام.

في ذلك الوقت شارك رؤساء عرب ومسلمون في الاحتجاجات المناهضة لهذا العمل، وكانت حديث الإعلام أياماً عديدة، لكن المشهد اليوم مختلف؛ فالقاتل ليس مسلماً لكن الضحايا مسلمون، والقاتل يصور مشهد القتل بدم بارد ويعيد استخدام السلاح والرصاص ضد الضحايا بعد قتلهم.

وقد أظهر القاتل عداءه للإسلام والمسلمين، عبر كتابة أسماء أشخاص عُرفوا عبر التاريخ بمعاداتهم للإسلام، والسؤال؛هل ستختلف النظرة وسيحاسب القاتل؟ وهل سيعترف العالم بأن الإرهاب لا دين له؟ و هل سيشهد العالم الإسلامي تحولاً في رد فعل على ما حصل في هذين المسجدين؟

حيث ينتظر المواطن العربي والمسلم رد فعل من ساسته لا يقتصر على التنديد والشجب والمطالبة بالمحاسبة، ولو بالنزول إلى الشارع مع الشعب للتنديد بهذه المجزرة والوقوف وقفة رجل واحد في وجه من يعادون الإسلام ويدعون الحرية في الأديان، وإيصال رسالة مفادها أن الإرهاب لم يكن في يوم ما مسلماً، و التاريخ يشهد على إرهاب منذ الحروب الصليبية واجتياح المغول والحروب النازية.

كل هذا يجب أن يكون درساً للعرب والمسلمين للوقوف يداً واحدة، فما يحصل وما قد يحصل نتيجة ضعف في الجسم الإسلامي، الذي يمثله قادة لا علاقة لهم بالقيادة، كانوا سبباً في تدمير الأمة وتراجعها والنيل من هيبتها.

في المقابل يجب على المسلمين التعامل مع هذه الجريمة بعقلانية وعدم الانجرار وراء العاطفة، فكلنا يعلم التعامل الإنساني عند الدول التي استقبلت لاجئين قادمين من دول نشبت فيها حروب مثل سوريا، في وقت تخلى عنهم إخوتهم من العرب المسلمين، لا بل أُغلِقَت الأبواب في وجههم.

ولنا في مخيمات النزوح في لبنان عبرة ودروس كثيرة، والضغوط الممارسة ضد السوريين في دول الخليج، وما يحصل في مخيم الركبان من جوع وعطش سببه الأردن التي تعاطف ملكها مع قتلى الصحيفة، وبجانبه مخيم يموت أطفاله وهو سبب موتهم من دون أن يرأف بحالهم.

فكيف يتعامل بإنسانية مع قتلى صحيفة شارلي إيبدو ويفقد إنسانيته لما يحصل في الركبان، إذاً نستخلص أن الساسة لهم دور كبير في ما يحصل في العالم، وفي النهاية يجب على الإنسان معرفة أن الإرهاب لا حدود ولا دين له.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل