عائشة صبري – حرية برس:
مع مضي ثماني سنوات على انطلاق الثورة السورية، لا بدَّ من التأكيد على التمسك بمبادئ الثورة السورية، وبحق الشعب السوري المشروع في بناء دولة تقوم على أسس العدالة والحرية والمواطنة، وعلى أنه لا سبيل إلى ذلك سوى إزاحة منظومة الحكم الحالية متمثلة بنظام الأسد الإرهابي وأركانه، ومحاسبتهم على اقترفوه من جرائم.
تتعدد الرؤى حول مسار الثورة السورية فهل هي في مرحلة انكفاء، أم أن هناك تغييرات ربما تحدث خلال الأيام القادمة لصالح الثوار على الصعيدين السياسي والعسكري.. وهنا يطرح ’’حرية برس‘‘ البعض من آراء المعارضين السوريين حول مسار الثورة.
يقول ’’بهاء الدين نجيب‘‘ مدير منظمة “نبني” للتنمية السياسية، إنَّ الثورة لا يُمكن انكفاءها، ولكن قد تتغير الآليات والأدوات التي تُعبِّر عنها، بالإضافة إلى أنَّ شرعية الثورة السورية ما زالت مستمرة طالما يُوجد في دمشق دكتاتور ومجرم، وطالما يوجد في الشتات لاجئ ومنفي.
أمَّا عن التغييرات القادمة، اعتبر ’’نجيب‘‘ أنَّه ’’لن نشهد مواجهاتٍ عسكرية بين النظام والفصائل الثورية، ولكن قد نشهد أزمةً حقيقيةً بين النظام وحلفائه ستكون من صالح المعارضة، كما سنشهد عودة القصف الإسرائيلي، وهذه المرَّة بتنسيق غير مباشر مع روسيا يستهدف مواقع تابعة للنظام وكذلك للإيرانيين في سوريا، وكل هذا يصب في صالح المعارضة بالطبع‘‘.
’’خالد الحماد‘‘ أمين عام ’’جبهة الأصالة والتنمية‘‘ قال: ’’إنَّ الثورة مرَّت بمراحل انتصار وتقهقر، وهذا شيء طبيعي بسبب الوقت الطويل، ومع هذا لا يمكننا القول بأن الثورة انتهت أو حتى انكفأت وذلك لعدة أسباب منها، أنَّ النظام لم يحقق انتصاراً سورياً بل العمل للآلة العسكرية الروسية والإيرانية المحتلة، وهو انتصار جزئي لا يؤهله للسيطرة، ولا يحقق السيادة‘‘.
فيما أن الشعب السوري الثائر لم يُطبّع مع النظام بالرغم من قساوة العيش في المخيمات فهو يُقدِّمها على العودة إلى حضن نظام الأسد، وذلك لإيمانه بضعف النظام وبفساده، والنظام بنظره لا يتعدَّى أن يكون مليشيات طائفية حاقدة تنتقم تقتل وتسرق.
كما أنَّ هناك ملفات كبيرة، مثل المعتقلين لم يُنهها النظام ولن يستطيع لأنَّها ستكون كارثية عليه، ومجرَّد أن يتم كشف هذا الملف الدموي ستقوم ثورات وليس ثورة، بالإضافة إلى الحالة الاقتصادية التي تمر بها مناطق سيطرة النظام السيئة للغاية بسبب العقوبات الدولية، وهذا يعطي طابعاً لدى المواطن بأن هذا النظام زائل قريباً، ولم يترك خطوطاً للعودة وقطع كلَّ الصلات مع الشعب السوري بجرائمه الكثيرة والكبيرة والمتكرِّرة.
وتوجه الحماد برسالة للشعب السوري قائلاً: ’’إنَّ هذا النظام ساقط قريباً، ولن تنفعه عمليات التنفس الاصطناعي التي يقوم بها الإيراني وغيره، لأنَّ النَفَس الملوث لا يُنقذ المريض، وكذلك بسبب فشل الجسد المريض، وننتظر سيناريو السقوط‘‘.
’’عماد غليون‘‘ كاتب ومعارض سوري، رأى أنَّه لا بدَّ من إجراء تقييم نقدي بشكل مستمر لمسار الثورة السورية، لاسيما أنه في الذكرى الثامنة لا تبدو الثورة بأحسن حالاتها سياسياً ولا ميدانياً، وهو ما يُثير الإحباط واليأس في نفوس كثير من الناشطين والمعارضين، ويدفعهم للعزوف عن النشاطات الثورية للاعتقاد بأنَّ النظام يتجه نحو تحقيق انتصار بفعل مكاسب ميدانية واسعة بتأثير مسار أستانا، وسياسية تظهر من خلال دعوات التطبيع مع النظام وإعادة تأهيله في الجامعة العربية وغيرها من المنظمات التي كان قد طرد منها وإعادة فتح سفارات بعض الدول في دمشق.
واعتبر ’’غليون‘‘ أنَّ الواقع ليس سيئاً بالمطلق كما يتبادر للوهلة الأولى، فقد فرضت الثورة السورية وقائعاً لا يمكن تجاهلها والقفز فوقها بكل الأحوال، فلا يُمكن استمرار حكم نظام الأسد كما يسود الاعتقاد، ولا يُمكن تجاهل جرائم النظام أو إفلاته من العقاب تحت أيّ ذريعة، ولا بدَّ من مرحلة انتقالية تُمثل السوريين، وتعبِّر عن مصالحهم ورغباتهم في الحرية والكرامة، ولا يُمكن تجاهل ذلك طويلاً فيما لو أُريد الاستقرار في المنطقة برمتها.
ورأى المعارض السوري غليون أنَّ الثورة خسرت ميدانياً وسياسياً لكنَّها لم تخسر رصيدها وبقي صامداً في أجيال السوريين التي لن تقبل بالاستبداد، وتتحفز للتغيير الجذري، وهنا يكمن انتصارها القادم بلا شكٍ لأنَّ الثورات مسارها طويل لكنَّها لا بدَّ أن تُثمر في النهاية.
’’فراس علاوي‘‘ رئيس موقع الشرق نيوز، يرى أنَّ ’’الثورة ليست بمرحلة انكفاء لأنَّ الثورة ليست عمل عسكري بالمطلق لذلك نستطيع القول: إنَّ مرحلة العسكرة قد انتهت سياسياً، وهناك تغييرات كبرى في مواقف الدول، وبالتالي (ترمومتر) العمل السياسي للمعارضة يرتفع حسب توافقات الدول واختلافها‘‘.
واستدرك علاوي بقوله إنَّ ’’مرحلة جديدة قد تبدأ من عمر الثورة تلي توقف العمليات العسكرية، وربَّما ستكون حوارات سياسية ومجتمعية تُفضي إلى تشكيل مؤسسات ثورية جديدة لمواجهة استحقاقات ما بعد العمل العسكري، ودليل عدم انكفاء الثورة هو عودتها من جديد في كل فرصة تسنح للشارع الثوري للتعبير عن ثوريتهم، ولو سمح للشارع في الداخل السوري الحراك بصورة آمنة لرأينا الثورة تعود كما بدأت وبذات الصخب، كما أنَّ الثورة السورية أصبحت ملهمة لتحرُّك الشعوب العربية على عكس ما أُريد لها من أن تصمت الجماهير العربية حين ترى ما حلَّ بالشعب السوري، وهو ما يحدث الآن في الحراك الجزائري الذي أخذ كثيراً من الحراك الثوري السوري‘‘.
’’أسعد حنا‘‘ إعلامي سوري، اعتبر أنَّه لا يمكن لأي ثورة أن تنكفئ قبل تحقيق مطالبها، ومطالب الثورة واضحة بالحرية والديموقراطية، ويُضاف عليها المحاسبة والعدالة بعد أكثر من نصف مليون شهيد، والإجرام الذي تم ارتكابه بحق الثورة والثوار.
وأوضح أنّه ’’ربما خرجت العديد من المناطق من تحت سيطرة الثوار، إلّا أنَّها ليست تحت سيطرة النظام، وإنَّما محكومة بقوة السلاح من قبل الروس والإيرانيين والمرتزقة، وهذا الدهم لا يُمكن أن يستمر إلى الأبد، خاصةً في ظل العقوبات الدولية التي يتم فرضها على داعمي النظام، والمحاكم التي يتم انشاؤها في عدة دول‘‘.
ويرى حنا أنَّ الثورة بدأت تأخذ أشكالاً أخرى، منها القانوني والضغط السياسي، كذلك الحراك العسكري الخفي الذي تقوم به بعض المجموعات في المناطق التي قامت بالمصالحات كما يجري في درعا وهو أخطر على النظام من حالة المواجهة البعيدة التي كان يقوم بها سابقاً، لأنَّ هذه الضربات تأتيه من قلب المناطق التي هو موجود فيها، بالتالي الثورة ما زالت مستمرة، وكما قال الشهيد رائد الفارس، وغيره من الأبطال: ’’الثورة فكرة والفكرة لا تموت‘‘.
بينما اعتبر العقيد الركن ’’عبد الباسط طويل‘‘ قائد ’’الجبهة الشمالية‘‘ سابقاً، أنَّ الشق العسكري في الثورة انتهى وكل ما هو ثابت من المسار العسكري اليوم هو عبارة عن أعمال عبثية مثل: ’’تم قصف تم تدمير‘‘، بينما الأعمال العسكرية التي تمَّت في السابق كانت عبارة عن عملية كاملة ومتكاملة، أمّا بالنسبة للشق السياسي، أوضح أنه ’’لا أعتقد أنَّ أحد وحتى ممن يعملون بالشق السياسي عنده معلومات حول ما يمكن أن تصل إليه ثورتنا في قادم أيامها‘‘.
عذراً التعليقات مغلقة