لم يكن انطلاق الثورة مع بداية الربيع صدفة، ليظلل الربيع بأشكاله كلها الشعب السوري، الذي عاش عشرات السنين من القهر والظلم والكبت، وقد يرى البعض مقولة الثورة السورية العظيمة كلمة عابرة وفيها من التضخيم الذي لا تستحقه، وقد يسخر البعض الآخر من وصف الثورة السورية بالثورة الفريدة من نوعها.
كلمات وجمل قد تلخص وتصف ثورة شعب ثار على طاغية الشام، ثورة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ثورة الأساطير، نعم ثورة الأساطير الذين قرأنا عنهم في تلك القصص التي كان الرواة يكتبونها من محض خيالهم، فما بالكم بشعب وقف يقارع الحديد الملتهب، يستقبل الرصاص بصدور عارية وتنهال على رأسه القذائف والبراميل المتفجرة، وهل من كلمة تصف هذا الشعب الثائر الذي صمد ثمانية أعوام وما زال مستمراً في ثورته التي يؤمن بحتمية انتصارها، ألا يستحق هذا الشعب انحناءة إجلال، وهو الذي كان ينادي “عالجنة رايحين شهداء بالملايين” لأنه متيقن من أن الهرب من الموت جبن وعار، ألا يستحق هذا الشعب أن يذكر في كتب التاريخ وهو الذي كتب التاريخ بدمه، وخط حروفه بتهجير قسري.
ثمانية أعوام والأمل بالنصر ما زال حاضراً. كان الشعب الثائر من أطفال ونساء ورجال على دراية بحجم الإجرام الذي سيمارسه نظام الأسد ضد معارضيه، وهم متيقنون من استخدامه السلاح والعنف بأشكاله كافة؛ ليصل درجة استخدامه السلاح الكيماوي الذي قتل به آلافاً، لكن هذا لم يثنيهم عن استمرارهم في ثورتهم، ثماني سنوات بحلوها ومرها، بآلامها وآمالها، لكنها ما زالت ثورة عند المؤمنين بها، وفي المقابل فهي انتهت عند ضعيفي العزيمة والإرادة، فما من ثورة انتصرت من دون دماء وتضحيات، والشعب الثوري الذي ما زال ثابتاً عند موقفه يمشي بخطىً ثابتة نحو الحرية، وهو الذي يؤمن بمقولة “وجنة بالذل لا نرضى بها وجهنم بالعز أطيب منزل”، التي تعبر عن وصول الثائر الحقيقي إلى أعلى درجات العز التي لم ولن يرضى الاستغناء عنها.
Sorry Comments are closed