أعوامها الثمانية انقضت وما زال الأفق يلوح ببعض الأمل وإن كان بعيداً، ورغم كل ما أصابها من مآس يكفيها أنها ما زالت توصف من قبل كل ثائر حقيقي أنها ثورة، وما زالت مبادؤها مترسخة في كيانه.
لا يختلف عاقلان على أن توقيت انطلاق الثورة في آذار 2011 لم يكن مخططاً له، ولم يكن لها جدول زمني تمشي عليه، فكل ما فيها كان عفوياً ونابعاً من الظلم والقهر الذي يعاني منه الشعب السوري بسبب ممارسات فئة حاكمة ادعت ذات يوم بأحقيتها في المطالبة بحقوق الشعب وتخليصه من الظلم.
استطاع حافظ الأسد خلال سنوات حكمه أن يزرع في عقول الأجيال أن ثورة آذار 1963 هي ثورة الشعب، ومن قام بها هم فئات الشعب من عامل وفلاح ومثقف، وأحاطها بصفات وعناوين رنانة، ثم طلب من مؤرخيه أن يمجدوا هذا العمل ويزيلوا كل شبهة أو تساؤل حول طبيعة ما حصل في آذار . إلا أن للتاريخ رجالاً حافظوا على الحقيقة وحملوها حتى وصلت إلى الأجيال الحالية كما حدثت.
فما بين آذار الأسد وآذار الشعب فرق شاسع، فذاك سمى انقلابه على السلطة المدنية ثورة بعد أن أعد العدة هو ورفاقه البعثيين؛ مستغلين القوة العسكرية التي بين أيديهم ونواياهم الشريرة لإطاحة الحكومة وتشكيل جسم ديكتاتوري مغلق، ورغم كل المساوئ التي كانت تحملها حكومة الانفصال، إلا أنها كانت أفضل حالاً من اللجنة العسكرية التي تسلمت مقاليد الحكم وراحت تقسم الأدوار بينها.
و بعد كل ما قام به البعثيون من أعمال لتلميع عملهم وتحويله إلى عمل شعبي يصب في مصلحة الجميع، إلا أنه بقي في حقيقته انقلاباً غير شرعي لا يمكن أن يصل إلى مرتبة الثورة؛ بعكس ما حصل في آذار 2011، حيث لم يكن الأمر مخططاً له من قبل، ولم يقتصر على فئة معينة ولم يحمل في طياته حب الوصول إلى السلطة، بل كانت غايته الحصول على الكرامة حقاً بصفتها طبيعياً لكل إنسان، لكن فاقد الشيء لا يعطيه وهذا ما حصل مع حكومة الأسد التي بدأت حياتها بسلب السلطة وتصفية حتى من كانوا رفاق درب؛ فلم يكن في مقدورها أن تتخيل أن يأتي شخص آخر وينافسها على كرسي الحكم.
Sorry Comments are closed