ياسر محمد – حرية برس
أثارت الحملة الجوية الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال الروسي على محافظة إدلب ومحيطها، سخط وتساؤلات السوريين عن دور تركيا في حماية إدلب، وهي التي تعهدت بحماية المنطقة رسمياً عندما وقّعت مع روسيا اتفاق وقف إطلاق نار فيها في أيلول عام 2018، إلا أن الضامنين، الروسي والتركي، تبادلا الأدوار في محرقة إدلب، وفق ما رآه ناشطون وسكان محليون؛ حيث أن روسيا تقصف جواً وتحض قوات الأسد على مهاجمة إدلب جواً وبراً، بينما تلتزم تركيا الصمت.
وشهد مساء الثلاثاء وليل الأربعاء أعنف هجوم جوي شنه الطيران الحربي الروسي وطيران النظام، استُخدم فيه الفوسفور المحرم دولياً في قصف “التمانعة” في ريف إدلب الجنوبي، كما شهدت مدينة “سراقب” أكثر من ثلاثين غارة جوية ليل أمس وفي اليوم السابق، ما أدى إلى سقوط شهداء مدنيين، وقال مراسل حرية برس إن مدنيين أصيبوا بجروح جراء قصف قوات الأسد بلدة “معرة حرمة” جنوبي محافظة إدلب، بقذائف المدفعية وصواريخ شديدة الانفجار، كما استهدفت قوات الأسد بلدة “خان السبل” بصواريخ تحمل قنابل عنقودية، كما قصفت قرية “الخوين” بصواريخ شديدة الانفجار.
ومساء أمس أيضاً، قصفت قوات الأسد بقذائف المدفعية الثقيلة كل من قرى “جسر بيت الراس” و”الحويز” و”الحويجة” غربي محافظة حماة، فيما استهدفت أيضاً مدينة “مورك” شمال حماة بالمدفعية.
وفي ريف حلب الجنوبي المشمول باتفاق “خفض التصعيد”، استشهد مدنيان وأصيب آخرون بجروح، مساء أمس الثلاثاء، نتيحة قصف قوات نظام الأسد بالمدفعية الثقيلة مدن وبلدات ريف حلب الجنوبي.
تأتي هذه التطورات، وخصوصاً القصف الجوي الوحشي، في ظل صمت تركي ما زال مستمراً، وبعد تسيير القوات التركية، المتمركزة في نقاط المراقبة في إدلب وحولها، دوريات منذ أيام، في خطوة تهدف إلى منع قصف النظام المنطقة، إلا أن “الضامن” الروسي هو من استهدف إدلب هذه المرة بغارات جوية تناقض اتفاق “سوتشي” الذي حُيِّدَتْ بموجبه إدلب وجوارها، ووقّعه الرئيسان “بوتين” و”أردوغان” في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الفائت.
وصب الباحث والمحلل السياسي، “حمزة المصطفى”، جام غضبه على الصمت التركي، فكتب على صفحته الرسمية في موقع “تويتر”: “روجت تركيا مسار ’أستانا’ بصفته بديلاً واقعياً لهزيمة عسكرية ضد المعارضة المسلحة، لكن أنقرة قبلت أن تفاوض موسكو على تفاصيل هذا المسار من دون اهتمام بدماء السوريين، وعليه تمارس روسيا هوايتها في القتل كلما تعثرت مفاوضتها مع تركيا، من دون أن ترى الأخيرة ذلك خروجاً عن مسار التفاوض ومحدداته”.
فيما رأى الباحث “أحمد أبا زيد” أن “التصعيد الروسي ربما يأتي لتعديل تفاهمات ’سوتشي’، أو في إطار الضغط على تركيا لتسيير دوريات روسية في حدود المنطقة العازلة مع الأتراك”، مؤكداً أن “موقف أنقرة حرج بصفتها طرفاً ضامناً تتعرض المنطقة المسؤول عن حمايتها للقصف”.
وفي مؤشر على احتمال عقد صفقة تركية روسية حذر منها محللون (إدلب مقابل شرق الفرات)، خالفت الناطقة باسم وزارة الدفاع التركية، “ناديدة شبنام أكطوب”، الحقائق، وقالت أمس الثلاثاء، إن التنسيق بين أنقرة وموسكو بشأن منطقة إدلب في شمال غرب سوريا “مستمر بنجاح رغم الاستفزازات”.
وركزت “أكطوب” على الوضع في شرقي الفرات، الذي توليه تركيا أهمية قصوى، وأوضحت: “بشأن الاستعدادات شرقي الفرات، التي ما زال من المقرر بحثها، فإن التنسيق مع الولايات المتحدة، وروسيا على وجه الخصوص، مستمر”.
وأفادت “أكطوب” أن تركيا وروسيا تنسقان حالياً الدوريات المشتركة في منطقة “تل رفعت” في ريف حلب، التي تسيطر عليها ميليشيا “قسد”.
ويأتي التنسيق الحثيث والمستمر بين حليفي “أستانا”، تركيا وروسيا، في مناطق شرقي الفرات، على حساب ترك إدلب لمصيرها كما تقول الوقائع، وكما توقع محللون وناشطون في وقت سابق، إلا أن نحو أربعة ملايين مدني يقطنون آخر منطقة “خفض تصعيد” في إدلب وما حولها، ما زالوا يعولون على تركيا في حماية المنطقة وإعطائها وضعاً خاصاً مدة طويلة؛ حتى يجري التوصل إلى “حل سياسي” ما زال بعيد المنال فيما يبدو.
عذراً التعليقات مغلقة