قال الحجر الأول: أنا سقطت على رأس أحمد ذلك الطفل الصغير فقتلته، يا إلهي كم كنت أحبه وأحب سماع صوت ضحكته. عندما كان يبكي كان قلبي ينفطر من الحزن، كنت أدعو الله أن يدب في جسدي الحركة حتى أذهب اليه وأحمله حتى يسكت. قال الحجر الثاني: أما أنا فضربت بطن الأم فماتت؛ تلك الأم التي لطالما أحببتها وأنا أتابع كيف كانت تركض طيلة الوقت من أجل أن تطعم أطفالها وتدفئهم وتحميهم. قال الحجر الثالث: أما أنا فسقطت على قدمي الأب وسحقتهما، ذلك الرجل الذي يركض على قدميه ليل نهار من أجل أن يؤمن لأولاده وعائلته لقمة عيشهم، كم كنت أتمنى لو يطحنني وأصير طحيناً وخبزاً لهم.
قالت الحجارة لقد كنا سعداء جداً أن عشنا مع هؤلاء الفقراء الطيبين، وسعادتنا أكثر وأكثر عندما نعلم أننا كنا نظللهم في الصيف، ونقيهم البرد والريح في الشتاء، كنا نسهر معهم ونستمتع بمسامراتهم وأحاديثهم، وكم كنا نخاف ونحزن عندما كانوا يحلمون ببيت أكبر من الذي نحن فيه، إنهم يريدون أن يرحلوا ويتركونا، لكن الذي لم نكن نتوقعه أبداً أن نكون سبباً في موتهم وتشريدهم وتدمير حياتهم. لكن الله يشهد أن لا ذنب لنا، لا ندري من أين جاءت تلك الطائرات ومن أين جاءت تلك الصواريخ ومن أين جاءت تلك القذائف التي فجرت المكان وألقت بنا فوق رؤوس أحبابنا فقتلناهم.
يا إلهنا كم نحن حزانى اليوم، وأجسادنا ملطخة بدماء من عشنا معهم الفرح والحزن، الأمل والألم، لكن في لحظة واحدة قضينا على كل شيء. لكن أرجوكم يا ناس أن تسمعونا والله نحن أبرباء ولا ذنب لنا بما حدث، والله إننا نبكي ونتألم لما حل بهم، أرجوكم قولوا لهم إننا أبرياء.
هذه الرسائل ليست مجرد خيال علمي، فنحن نؤمن بالحجارة وحياتها المليئة بالخير، ونسمع أنّات عواطفها، وقد قال ربنا في محكم تنزيله: “وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء”. فالأحجار تتفجر منها أنهار الحياة، ولا يمكن أن يخرج منها متفجرات للموت، “وإن منها لما يهبط من خشية الله”؛ فهي تخاف الله لما في داخلها من مشاعر وأحاسيس جميلة. فالقسوة ليست إلا من نصيب قلوب المجرمين من البشر دون الحجر. “ثم قست قلوبكم فهي كالحجارة أو أشد قسوة” (سورة البقرة آية 74)، على شاكلة المجرم بشار وزبانتيه.
لا شك أن الفن رسالة إنسانية، لكن المدعو نزار، الذي يدعي أنه يحمل رسالة إنسانية من خلال “فنه”، في حقيقة الأمر ما هو إلا حامل رسالة شيطانية على شاكلة سيده المجرم بشار، الذي يدعي محاربة الإرهاب وهو أكبر إرهابي في تاريخ البشرية. فجريمة الشبيح “نزار علي بدر” أكبر من جريمة بشار، فبشار مجرم ـ وهذا بدهي ـ لكن نزار يحاول أن يعطي شرعية لهذا الإجرام من خلال ما يدعيه من “الفن”.
و الله لو تحركت الحجارة لصعدت إلى أعلى ما تستطيع ثم هوت على رؤوسكم وخلصت الناس من شروركم، ولو نطقت الحجارة لقالت الحقيقة ثم بصقت في وجوهكم. أنتم عار على الإنسانية ثم تتحدثون باسمها، يا الهي ما أوقحكم!
عذراً التعليقات مغلقة