منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا ممتنع عن متابعة الإعلام المرئي العربي، ولكني قبل فترة تعثرت برابط مقابلة أجراها أحد الأصدقاء مع قناة العربية، وكانت المحاوِرة هي القديرة نجوى القاسم، التي ذُهلت من شكلها الجديد بعد عمليات التجميل التي أجرتها، فذكرتني بسيارة طوزطو (DODGE) من طراز الستينات كان يملكها جارنا، عملت السيارة حادثاً فتخربطت واجهتها، ولكن بعد عمليات “التصويج” أصبحت واجهتها كوجه الفنانات العربيات المتصابيات، اللاتي يرفضن أن يشخن، ويردن أن يبقين بشبابهن طيلة المراحل العمرية.
منذ أن وعيت على الدنيا وأنا أتابع نجوى القاسم على قناة المستقبل، وهي جميلة الشكل والروح، وممتلئة ثقافياً، ومتمكنة تماماً من أدواتها المهنية، فلا أعتقد أنها في حاجة إلى عمليات تجميل كي تظهر أكثر شباباً، ولكنه سُعار عمليات التجميل الذي يضرب بقوة منطقتنا، دوناً عن باقي المناطق، فمثلاً هنا في فرنسا، بعض المذيعات يُخيل إلى المتابع أنهن نسين تسريح شعورهن، طالما أن المتابع مهتم بمضمون المادة الإعلامية التي ستقدمها هذه المذيعة أو تلك.
في السنة الماضية فازت رواية (حرب الكلب الثانية) بجائزة بوكر النسخة العربية، للأردني من أصل فلسطيني “إبراهيم نصرالله”، وهي رواية أشبه ما تكون بخيال علمي مع بعض الفنتازيا التاريخية، وبطل الرواية “راشد” تعرض إلى حالات اعتقال عديدة، خشية أن يكون شبيهاً لنفسه وليس هو، بل حتى جاء تعذيبه حتى الموت على يد أخ زوجته نتيجة شك الأخير أن هذا ليس راشد الحقيقي بل شبيهه، وشيء كهذا حصل مع زوجته “سلام” التي تعرضت إلى الاعتقال نتيجة عملية إجرام قامت بها شبيهة لها، ولولا أخوها الضابط لبقيت في السجن.
وكأن الرواية صرخة في وجه عمليات التجميل التي نراها اليوم حتى باتت كثير من الفنانات متشابهات، وبالكاد نستطيع أن نميز إحداهن عن الأخرى، فما عدنا نميز بين كيكي وكاكا وفوفو وفيفي. فيفي.. نعم فيفي عبدو الراقصة المصرية الشهيرة، التي اختارها نظام السيسي في مصر أماً مثالية!
في عام 2014، دخلت فيفي عقدها السابع، ولكنها بفضل عمليات التجميل القائمة على الشد والنفخ والسيليكون والبوتوكس، ما زالت تظهر في شبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً على صفحتها في الإنستغرام وكأنها في تشرين ستبلغ العشرين. الرغبة في الظهور الشبابي هو الذي جعل الممثلة الكبيرة عمراً مها المصري تتعرض إلى حملة شعواء على شبكات التواصل الاجتماعي بعد إجرائها عمليات تجميل أساءت إلى وجهها بسبب حقن الفيلر والبوتوكس، الذي تسبب بتورم وجهها وتضرر شفتيها.
في اليوم العالمي للمرأة، ينبغي أن نعمل جميعاً على تطوير وضع المرأة في مجتمعنا، وسن القوانين التي تحفظ كرامتها وتمنع أي شكل من اشكال الاعتداء عليها، بحيث تكون مساوية تماماً للرجل، معتمدة على ذاتها لا عليه، ومستقلة مالياً وحرة الإرادة، ومن هنا يجب أن تبقى عمليات التجميل في السياق الذي يرفع المرأة ولا يحط من قدرها، فكل شيء زاد عن حده انقلب ضده.
عذراً التعليقات مغلقة