في خطوة من خطوات طريق تحقيق العدالة الطويل، اعتقلت السلطات الألمانية مجرمين سابقين في مخابرات نظام الأسد، ارتكبا جرائم بحق مئات أو آلاف السوريين الذين اعتُقِلوا وزُجّوا في تلك المسالخ البشرية، فقط لأنهم طالبوا بالحرية والكرامة عند اندلاع الثورة السورية ضد الأسد ونظامه ومؤسساته.
الادعاء الألماني قال عن اعتقالهما، إنه يُنسب إلى الأول قيامه بتعذيب عديد من المعتقلين، وإلى الثاني المساهمة باعتقال كثير من المعارضين للنظام وتعذيبهم، حسب ما جاء في شكوى تقدم بها أربعة أشخاص إلى المدعي العام الألماني، كانوا قد تعرضوا للتعذيب في سجون وأفرع نظام الأسد الأمنية في سوريا.
ولكن المفاجئ، أن أحد المجرمين، ويدعى ’’أنور رسلان‘‘، وهو ضابط برتبة عقيد من قرية “تلدو” في الحولة في ريف حمص، انشق عن نظام الأسد في عام 2013، أي بعد قيامه بتلك الأفعال الوحشية بعامين، ليُضم بعدها إلى ما يسمى بـ’’الإئتلاف المعارض‘‘ ويُعيّن مستشاراً عسكرياً لوفد المعارضة!
ويبدو أن تلك الكيانات التي تدعي وقوفها إلى جانب الشعب ومناصرة للثورة السورية، كانت عبارة عن عملاء زرعهم النظام لحرف بوصلة الثورة وتشويه صورتها، وهاهو أحد هذه الكيانات اعتقل اليوم بعد سجل إجرامي بحق المعتقلين الذين كانوا يتلقون أشد أنواع التعذيب على يديه، أو حتى من كان سبباً أيضاً في اعتقاله، حين كان على أحد حواجز نظام الأسد، حيث كان عمله التفتيش ومطاردة المتظاهرين.
السلطات الألمانية قالت إن “أنور رسلان” كان يدير حاجزاً تابعاً لنظام الأسد قرب دمشق في صيف 2011، أي بعد انطلاق الثورة السورية بأيام وأسابيع، حيث كان عدد المعتقلين بصل إلى مئة شخص يومياً، وبعد ذلك يُسجنون ويُعذبون في الفرع الذي كان يديره، فيما يعني أن العدالة الحقيقة لا تقف على أحد مهما يكن، إن كان في صفوف النظام أو في صفوف المعارضة، وهي العدالة التي يريدها السوريون الذي خرجوا ضد هذا النظام الديكتاتوري منذ البداية، محاسبة مرتكبي الجرائم الوحشية بحقهم.
تقارير المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان أكدت مراراً وتكراراً أن مختلف أجهزة أمن نظام الأسد، وفي مقدمتها المخابرات الجوية والعسكرية، والأمن السياسي، والمخابرات العامة، تنتهج ممارسات التعذيب وأشكال المعاملة السيئة والمهينة واللاإنسانية كله، على أوسع نطاق ممكن ضد المعتقلين منذ آذار/ مارس 2011.
تلك التقارير دفعت عديداً من الدول، من ضمنها ألمانيا، إلى العمل على ضرورة محاسبة نظام الأسد على جرائمه بحق الشعب السوري، منذ بدء الاحتجاجات السلمية، حيث لجأ إلى استخدام القوة المفرطة في مواجهة المحتجين السلميين، بما في ذلك استهدافهم بالقتل، وعمليات الاعتقال التعسفي لكل من يشتبه بمشاركته في الاحتجاجات السلمية.
يعتقد البعض ممن كانوا مجندين لدى نظام الأسد أن هروبهم من سوريا وترك كافة أعمالهم وسجلاتهم الإجرامية أن أحداً لن يلاحقهم إلى المكان الذي سيلجؤون إليه، مثل باقي أفراد الشعب السوري الذي فروا من إجرامهم ووحشية رأس نظامهم ضدهم، ولكن اعتقادهم هذا يبقى في سوريا فقط، لا في دول غربية تعتمد على أساس العدالة وإحقاق الحق، ومن ما زال يؤمن بالثورة السورية لديه القناعة التامة أن هناك أطرافاً تعمل على محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم وإن طال الزمن.
Sorry Comments are closed