حلم لطالما راود كلّ السوريين الذي رفضوا الذل والاستعباد وطالبوا بالحرية والكرامة، بعقد مؤتمرهم الثوري العام الشامل في دمشق الفيحاء بعد إسقاط النظام، وتحرير سوريا من العصابة الأسدية والميليشيات الإيرانية والطائفية.
ولكن تكالب قوى الشر العالمية من جهة على هذه الثورة العظيمة، وتسلط شُذاذ الآفاق وعملاء المخابرات العالمية والتشرذم الذي أصاب جميع المفاصل الثورية من جهة أخرى، أدى إلى عقد هذا المؤتمر العام الذي انتظرناه طويلاً في زاوية ضيقة جداً من سوريا، أبعد ما تكون عن دمشق الفيحاء، وبصورة مغايرة تماماً لما كنا نحلم به ونتمناه.
انعقد المؤتمر في باب الهوى، وأصبح أمراً واقعاً على معظم المناطق المحررة في الشمال السوري، سواء قبلنا به أم لم نقبل، لأن مخرجاته ستلامس كل من يقيم في تلك المناطق.
وبالرغم من كل السلبيات التي شابت انعقاد هذا المؤتمر من حيث الرعاية واللون الذي اتسم فيه، والكيانات القائمة عليه وتوجهاتها، فإن العزوف عنه “أمر سلبي” لأن مخرجاته – كما ذكرت آنفاً – ستصبح أمراً واقعاً؛ كما أن الانخراط فيه بدون تفكير، وتشكيل كتل حقيقية لمواجهة أي مشروع قد تفرضه القوى المهيمنة عليه، هو “أمر خاطئ جداً”، بل يمكن أن يكون كارثياً على المنطقة، ونتائجه لا تُحمد عقباها.
وهذا يفرض على الفئات الأخرى التي شاركت، التي لا تقبل الهيمنة والاستسلام، أن تتكتل فيما بينها لإيجاد جسم قوي ضمن هذا المشروع القادم، وتقول لا بصوت مرتفع عندما يستلزم ذلك.
الشعب السوري الحرّ الذي انتفض ضد الأسد، وهو يعرف سطوته وإجرامه، لن يقف عاجزاً وصامتاً ضد خفافيش الظلام وشُذاذ الآفاق، الذين سرقوا منه ثورته وأحلامه، وجعلوا سوريا بلداً مستباحاً أمام كل قوى الشر العالمية. ومن هذا المنطلق أقول، إن ما خلص إليه المؤتمر الأخير من مخرجات، فإن بعضها جيّد بالشكل، ولكن لا نعلم كيف سوف تُتَرجم على أرض الواقع من قبل أشخاص كانت تجاربنا معهم مليئة بالمعاناة والغدر، لذلك فإن رصّ الصفوف بين القوى الثورية التي ما عرفنا عنها إلا إخلاصها للثورة، وحبّها لسوريا أمر هام جداً.
فالتجربة العراقية حاضرة أمامنا، ورأينا كيف أصبح “سنة” العراق على هامش الأحداث؛ فهذه المعركة الآن لا تقل أهمية عن أي معركة أخرى، فإما أن نحافظ على ثورتنا وأهدافها، أو يكون القادم أدهى وأمر.
Sorry Comments are closed