ياسر محمد – حرية برس
تستضيف العاصمة البولندية، وارسو، في الرابع عشر من شهر شباط الجاري، مؤتمراً دولياً يضم 79 دولة برعاية أميركية بولندية، تحت مسمى “مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط”، تأتي مكافحة التمدد الإيراني في المنطقة و”ضبط سلوك إيران” على رأس أولوياته.
المؤتمر يبدأ بإيجاز يقدمه المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا، غير بيدرسون، ما يؤكد حضور الملف السوري بشكل أساسي في المؤتمر من بوابة محاصرة التمدد الإيراني في سوريا وصولاً إلى الهدف المنشود وهو إبعادها نهائياً وإعادتها إلى داخل حدودها.
ومن المقرر، بحسب صحيفة الشرق الأوسط، أن يسفر المؤتمر عن تشكيل ست لجان عمل لتنفيذ التوصيات المتعلقة بـ”محاربة تهديد الأمن السيبراني” و”الصواريخ الباليستية” و”محاربة الإرهاب” و”توفير الأمن والطاقة” و”أمان الطرق البحرية” و”حقوق الإنسان”، في إشارة إلى ملفات تخص في شكل مباشر سلوك إيران في الشرق الأوسط.
وتعود فكرة مؤتمر وارسو إلى بضعة أشهر عندما اقترحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الدعوة إلى اجتماع موسع بهدف تشكيل “تحالف ضد إيران يوازي التحالف الدولي ضد داعش”، الذي يضم حالياً 79 دولة وعقد مؤتمره الأخير لوزراء الخارجية في واشنطن أول من أمس، وسيعقد مؤتمراً لوزراء الدفاع منتصف الشهر الجاري.
ويأتي المؤتمر في اليوم ذاته الذي يعقد فيه “ضامنو أستانة” رؤساء تركيا وروسيا وإيران اجتماعاً في منتجع “سوتشي” الروسي، يخصص لمناقشة وضع إدلب، والمنطقة الآمنة المزمعة شرقي الفرات، وتشكيل اللجنة الدستورية.
ولا تبدو هذه الملفات في طريقها إلى الحل، بعد ظهور خلافات كبرى حولها بين الضامنين أنفسهم، وبينهم وبين القوى الدولية والإقليمية الأخرى.
فبينما تصر تركيا على إنشاء منطقة آمنة على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، وطرد ميليشيات “الوحدات الكردية” الانفصالية من هناك، تضغط روسيا وإيران لإعادة تلك المناطق إلى سلطة نظام الأسد، ولا مؤشر على تفاهم قريب بين “الحلفاء” الثلاثة مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأميركية من المنطقة بحلول نيسان المقبل كما قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” أمس.
ويبقى ملف إدلب، آخر منطقة “خفض تصعيد” ما زال معمولاً بها وفق اتفاقات أستانة، غير قابل للتفاهم أيضاً في وقت قريب، إذ تصر تركيا على تحييد المحافظة التي تضم نحو أربعة ملايين مدني، وإبقاء الوضع فيها على ما هو عليه، بينما تضغط روسيا يومياً من خلال تصريحات مكثفة، لطرد “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) التي باتت تسيطر على معظم المنطقة، وتلقي العبء كاملاً على الأتراك بصفتهم ضامنين للمعارضة في الاتفاق، ويغالب الأتراك الزمن لإيجاد حل يتمثل -وفق تسريبات إعلامية متقاطعة- بحل الهيئة ودمجها عسكرياً وسياسياً مع أجسام المعارضة في المنطقة، والخروج بتشكيل عسكري واحد وحكومة واحدة يجدان قبولاً داخلياً وإقليمياً ودولياً وإن بالحد الأدنى.
وفي آخر تطورات الضغط الروسي، أشار نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين إلى عملية عسكرية محتملة في إدلب، وقال في تصريح صحفي، اليوم الجمعة، إن “العملية العسكرية المحتملة في إدلب ستكون منظمة بشكل فعال إن تمت”.
وأضاف فيرشينين أن جميع اتفاقات مناطق تخفيف التوتر التي تم الاتفاق عليها في 2017 هي تدابير مؤقتة، مشيراً إلى أن إدلب هي آخر منطقة عاملة بالاتفاقية بين تلك المناطق.
واعتبر المسؤول الروسي أن “إدلب هي جزأ لا يتجزأ من الدولة السورية والأراضي السورية، ولن تسمح روسيا بوجود محميات للإرهاب ويجب القضاء عليها”، وفق تعبيره.
وتأتي تصريحات فيرشينين تكريساً لتصريحات الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، ووزيرها سيرغي لافروف، اللذين كثفا من هجومهما على إدلب في الفترة الأخيرة، مهددين بعملية عسكرية إن لم تتحرك تركيا لضبط الوضع وحل مشكلة “تحرير الشام”.
عذراً التعليقات مغلقة