يا دير الزور إنسانيتنا ضاعت للموت

بسام الرحال30 يناير 2019آخر تحديث :
بسام الرحال

الإنسانية ليست حزناً أو شغفاً أو حباً أو بغضاً، ولا هي خيار نريده أو لا نريده، هي ليست أكثر من عبرات قلوب ونفوس تنطلق بحرية وانسيابية، ومن دون إرادة أو تحكم.

هي لا تتجزأ، كالألم والفرح، والحرقة والنشوة، والشوق والحنين، والغربة والأنين، مفعمة بالصدق والحياة والنبل وعادلة في البوح، في كل زمان ومكان وأرض وعرض.

ليست تجارة أو أعمالاً أو مادة جافة، كما ليست مادة منتجة أو مستهلكة وليست للبيع أو الشراء، هي لا شيء أكثر من حديث قلب ورهف إحساس وصدق نبض، لا توجه ولا تسيّس ولا تنظم، ليست شعراً ولا نثراً، تستقرئها بصمت أو ببوح، سيان سيان.

داريا كحمص، والغوطة كدرعا، كالرقة وحلب وهجين، لا حدود للقلب والمشاعر، لا حدود للأرض أو الوطن، لا حدود لحبي ولا لشغفي ولا لحزني أو ألمي وحنيني.

القلب ليس مضغة من دم وحسب، بل هو من يبكي الوطن والأرض والربوع والرمال كذلك، يبكي شعباً وحضارة وأبجدية، وفرساناً يبحثون عن هوية وصهيل خيل، وصليل سيوف، وراية مخملية ذات حروف ذهبية.

يا دير الزور حنا معاكي للموت، ويا حمص ويا رقة ويا إدلب ويا عفرين ويا تدمر والميادين، ولما كان حب الأم أكثر للصغير حتى يكبر وللمريض حتى يبرأ وللباطل حتى يزهق، فيا هجين يا هجين.

دموع ودماء وأشلاء، رجال وصغار ونساء، وبيوت  أذلها عزيف جان في أرض عراء، والقاتل واحد والمحرض واحد والعدو واحد، وقاتل الشام واحد، كذلك القلب واحد والوطن واحد والشعب واحد، لكن الصمت مريب.

من تباكى على داريا وحلب ولم تهزه الرقة أو هجين وما يحدث في دير الزور، من استرق السمع على منابر التواصل، من استرق النظر إلى تقارير الشبكات، من شاهد الصور والفيديوهات، ثم ابتلع لسانه وضميره وكثيراً من كرامته، ليس أقل ولا أكثر من منافق.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل