ياسر محمد – حرية برس
بعدما اختفى “الأعداء” من الساحة السورية، بدأت تظهر إلى العلن خلافات “الحلفاء” وأولوياتهم، فالتسابق الإيراني الروسي على نهب الاقتصاد السوري والثروات ليس خافياً، فضلاً عن السيطرة الميدانية التي يتقاسمها الطرفان بلا إعلان أو استقرار لحد الآن.
أما الانسحاب الأميركي المزمع من منطقة شرق الفرات، فقد أظهر إلى العلن الخلافات الروسية التركية، إذ تسعى تركيا إلى إنشاء منطقة “آمنة” تضمن أمنها القومي وتكون ملاذاً لملايين اللاجئين السوريين، فيما ترى روسيا الفرصة مواتية لضم هذه الأراضي الواسعة والغنية إلى سلطتها ومكاسبها عبر إلحاقها شكلياً بسلطة نظام الأسد.
الدولتان الشريكتان في الملف السوري ضمن حلف أستانة والذي يضم إيران إلى جانبهما، بدأتا حرباً إعلامية مضمارها إدلب والمنطقة “الآمنة” المزمعة شرقي الفرات، فكثفت وسائل الإعلام الروسية طرح صيغة “إدلب مقابل المنطقة الآمنة” تمهيداً لقبول هذا السيناريو وإشاعته، فيما قابلت الصحافة التركية تلك الشائعات بطرح سيناريوهات تشير إلى محافظة تركيا على هدنة إدلب واستقرارها مع ضمان منطقة آمنة شرقي الفرات.
وفي التفاصيل، تحدثت صحف روسية عن معركة مرتقبة في إدلب، قالت إنها ستكون ضمن “صفقة” بين موسكو وأنقرة بموافقة نظام الأسد، وفق ما نقل موقع تلفزيون سوريا، وتنص تلك “الصفقة” على قبول الأطراف للمنطقة الآمنة التي تخطط تركيا لإقامتها شمال سوريا، مقابل توسع تدريجي لقوات النظام على أن تكون إدلب “عينة تجريبية” للاتفاق.
وقالت صحيفة “كوميرسانت” الروسية إن “المهمة الرئيسية بالنسبة لموسكو الآن هي أن يستعيد النظام سيطرته على شمال وشمال شرق البلاد”، ووصفت هذه المهمة بأنها “معقدة وليست سهلة أبداً، نظراً لتضارب المصالح مع الشركاء في سوريا”.
وأضافت الصحيفة: “تشير معطياتنا إلى أن العملية العسكرية التي ستطلقها القوات السورية (قوات الأسد) لاستعادة السيطرة على إدلب (كلها أو أجزاء منها)، مسألة تم حسمها عملياً”. مرجحة أن توافق تركيا على تلك العملية، مقابل منطقة آمنة تركية في شمال شرق سوريا بموافقة روسيا والنظام.
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة “ نيزافسيمايا غازيتا” الروسية، إن “إمساك تركيا بإدلب تحول إلى مجرد ورقة رابحة في التوصل إلى صفقة محتملة مع موسكو”، ولم تستبعد الصحيفة “موافقة أنقرة على سحب قواتها من إدلب، وإتاحة إمكانية بهذا الشكل أمام تقدم قوات النظام في محافظة إدلب، مقابل إقامة المنطقة الآمنة (التركية) على الشريط الحدودي داخل الأراضي السورية”.
في المقابل، تروج الصحافة التركية لمشروع يضمن استقرار إدلب وينهي سيطرة “هيئة تحرير الشام” المصنفة إرهابية عليها، فقد نقلت صحيفة “يني شفق” التركية، أمس الثلاثاء، عن مصادر مطلعة في المعارضة السورية، أن نحو 15 ألف عنصر من “هيئة تحرير الشام” سينضمون إلى “الجيش الوطني”، بعد إنشاء المنطقة الآمنة التي تسعى إليها تركيا.
ويعتمد هذا السيناريو الذي طرحته الصحيفة على جعل محافظة إدلب وريق حلب الغربي تحت سلطة الجيش الحر فقط، بعد حل كل الكيانات العسكرية والسياسية ودمجها في كيان جديد، وعلى رأس الكيانات التي ستُحل (هيئة تحرير الشام وذراعها السياسي حكومة الإنقاذ)، إلا أن الصحيفة لم توضح شيئاً حول الآليات، والتي تبدو معقدة للغاية.
يذكر أن روسيا تصعّد من لهجتها ضد إدلب، بزعم أن “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) أصبحت تسيطر عليها بالكامل، كما أن نظام الأسد يحشد على تخوم المحافظة ويصعّد ضدها، حيث ارتكب أمس مجزرة مروعة بقصف استهدف المدنيين في معرة النعمان.
عذراً التعليقات مغلقة