يطل الشبيح وسيم بديع الأسد أحد أبناء عمومة رأس النظام بشار الأسد، في تسجيل مصور عبر فيسبوك، ليهاجم بألفاظ نابية وقذرة وخادشة للحياء من ينتقد تردي الواقع الخدمي والمعيشي في مناطق سيطرة النظام، ويطالب الشعب بالوقوف إلى جانب ’’الدولة‘‘ والصبر على ما أسماها ’’مؤامرة اقتصادية‘‘‘ تستهدف سوريا بعد فشل المؤامرات السياسية، منها ’’المؤامرة الكونية‘‘ التي دأب النظام على التحدث عنها عندما عصفت به عام 2011، وهي الثورة السورية.
الشبيح بديع اتهم أمريكا أنها أغرقت باخرة للنظام، وحجزت بواخر أخرى مثل الغاز ومستلزمات لـ’’البلد‘‘، وأن هناك من يحرض الشعب على ’’الدولة‘‘ اقتصادياً، متذرعاً بالجملة التي يكررها مسؤولو النظام “إن البلد في حرب‘‘، للتخفيف من غضب منتقدي حكومة النظام، إلا أنه تحدث عن نفسه بأنه أيضاً تعرض لهذه الأزمة ’’أزمة الغاز‘‘ مثل غيره، لكن من ينظر إلى المكان الذي يتحدث منه ويرى المشاهد التي يقوم بنشرها مع عائلته هل سيصدق أن مثل هذا الشبيح تعرض لأزمة مثلهم؟
يخرج الشبيح مرة أخرى في تسجيل جديد ويتراجع عن بعض ما قاله خلال أقل من 24 ساعة، وهنا يقول ’’أنا ماقلت في تقصير من الدولة، الدولة عم تشتغل على تأمين متطلبات المواطن، ومافينا نشتمها، نشتم أشخاص عادي أما (الدولة) لأ‘‘، متهماً الذين دمروا البلد بالسعي وراء هذه المؤامرة وموجة الانتقادات الموجهة غلى النظام، بإطلاق حملات إلكترونية ضخمة لإضعاف الثقة بـ’’الدولة‘‘ ويحذر الموالين من مصير مشابه لمصير ليبيا.
وسيم بديع الأسد هو الوجه الحقيقي للنظام بدون أي رتوش أو تجميل، هؤلاء من يحكمون سوريا منذ عقود، هؤلاء من يتحكمون فيها وكأنها مزرعة لديهم ورثوها من حافظ الأسد، يتحدثون عن أنفسهم أنهم يحاربون لأجل الوطن والشعب، ويصفون أنفسهم كالطبقة الفقيرة أو الكادحة في سوريا، وهم في النهاية من كان سبباً في تدمير المدن السورية وقتل أهلها الذين خرجوا ضد العصابة الحاكمة وهجروها.
يبدو أن أزمة المحروقات والكهرباء والغاز التي تفاقمت مؤخراً في مناطق سيطرة نظام الأسد، دفعت عديداً من موالي النظام إلى انتقاده علناً، بدأ بذلك فنانون عُرفوا بولائهم للنظام، مثل شكران مرتجى وأيمن زيدان، عندما نشروا بيانات ورسائل ناشدوا فيها رأس النظام بشار الأسد توفير الأساسيات من غاز وكهرباء وحفظ كرامة المواطنين، ليأتيهم رد فعل تشبيحي من إعلاميين وفنانين أكثر ’’تشبيحاً‘‘ للنظام، اتهموا فيه القسم الأول بالخيانة وعدم الوطنية، مثل زهير عبد الكريم، الممثل الذي اشتهر بتقبيل أحذية جنود النظام أمام الكاميرات، فضلاً عن رد فعل آخر لم يكن مستغرباً أو محض صدفة وهو تعرض شكران مرتجى لحادث سير بعد انتقادها نظام الأسد، ربما كانت هذه الحادثة لم تقتلها بعد كلامها الموجه ضد الحكومة، مثل ما حصل مع الفنان الراحل ياسين بقوش الذي قتل إثر ’’قذيفة مجهولة‘‘ كما تحدث إعلام النظام في عام 2013، وذلك بعد أيام من إطلاق سراحه من سجن عدرا بعد اعتقاله على إحدى حواجز أفرع النظام بسبب استهزائه بالحكومة، لكن حادثة مرتجى هي رسالة لمن يتطاول على النظام ويحرض الناس عليه.
ويبدو أن أزمة الغاز بكاملها بما في ذلك الاحتجاجات التي تناشد الأسد شخصياً لحل المشكلة، هي جزء من محاولة رسمية لتعويم الأسد وتلميع صورته التي اهترأت عبر السنوات الماضية، ضمن البيئة الموالية، وخاصةً أنه غاب عن مشهد ’’ثورة الغاز‘‘، فيما ما زال بعض الموالين يؤمنون بأنه سيتدخل في اللحظة الأخيرة لإنقاذهم، لا سيما أن الانتشار الأخيرة لعائلة الأسد، بما فيها زيارة أسماء الأسد إلى بعض العائلات في ريف دمشق، وخاصة منطقة القلمون الباردة، وظهور زين الأسد، مع أحد جرحى جيش النظام في مدينة اللاذقية، وتزامناً أيضاً مع تداول ’’حكاية‘‘ عن حافظ الابن الأكبر للأسد، وهو يساند أحد ضباط جيش والده في تشغيل سيارته عبر دفع السيارة كأي شاب عادي!
الانتقادات الأخيرة الموجهة إلى نظام الأسد وحكومته، دفعت زوجة رأس النظام إلى التحرك لتخفيف الضغط الذي يتعرض له النظام وامتصاص غضب الموالين عبر هذه الشكليات التي تقوم بها، لتخلق حالة مزيفة من الاهتمام بمعاناة المواطنين، وكرد غير مباشر على الانتقادات التي تجتاح شبكات التواصل الاجتماعي في مناطق النظام مؤخراً، لا سيما أن أسماء كان لها دور في إعادة رسم صورة للنظام عبر تلك الأفعال والحملات التي تقوم بها لكسب التعاطف.
بعد أكثر من سبعة أعوام من الثورة السورية التي قام بها الشعب الحر الرافض لديكتاتورية المجرم، والفساد في مؤسسات نظامه وحكومته، منذ تولي أبيه العهد وحتى هذا اليوم، تظهر ملامح الصحوة المتأخرة على وجوه الموالين بالشعور أن هذا البلد لم يعد كما كان في السابق، وذلك كله بفضل قيادتهم الحاكمة، التي لم يتجرؤوا في يوم من الأيام أن يتفوهوا بكلمة واحدة ضدها، ليبدؤوا بنشر بيانات وانتقادات وتداول فيديوهات ساخرة عن الوضع المعيشي وصور مذلة لاحتضان جرة الغاز لحظة الحصول عليها.
لم يستطع الموالون طيلة سنوات الثورة السورية التفوه بأي كلمة ضد الأسد ونظامه، فالأمر كان طبيعياً ماذا يحصل لمن ينتقد النظام، كما أن سياسة الأسد الابن والأب لم تتغير منذ تولي السلطة وهي الأمن والأمان مقابل كرامة الشعب، إلا أن الثورة السورية جاءت لتقصم ظهر النظام وتسقط رأسه وتغيّر عقوداً من استبداد من العصابة الحاكمة، عندما بدأ الشعب بقول كلمة الحق والوقوف في وجهه، فلولاها لما بدأت هذه الفئة المحتجة ضد النظام اليوم بانتقاده، مجرد نقد لا أكثر.
Sorry Comments are closed