ياسر محمد – حرية برس
كثفت روسيا تصريحاتها ضد اتفاق إدلب الذي توصلت إليه مع تركيا في أيلول من العام الماضي، وذلك فيما يبدو تمهيداً لعملية عسكرية ضد آخر قلاع المعارضة في الشمال السوري، بينما تلتزم تركيا الصمت تجاه التصعيد الروسي، مركزة اهتمامها على تشكيل “المنطقة الآمنة” الجديدة شرق الفرات على طول الحدود بينها وبين سوريا.
وفي الصدد، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكازاخستاني بيبوت أتامكولوف، اليوم الاثنين: “ما يزال في إدلب وكر للإرهابيين وهذه حقيقة واضحة، وأكد زملاؤنا السوريون التزامهم بالقضاء على هذه البؤرة”! في تمهيد مباشر لنظام الأسد لشن عملية عسكرية ضد إدلب التي تؤوي نحو 4 ملايين مدني.
وأشار لافروف إلى أن وجود تنظيم “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام) في محافظة إدلب لا يتوافق مع اتفاقات موسكو وأنقرة بشأن حل مشكلة الأمن في هذه المنطقة.
وأضاف: “حقيقة أن النصرة موجودة الآن، واستحواذ (هيئة تحرير الشام) على أغلبية المنطقة، بالطبع، لا يتوافق مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها من أجل حل مشكلة منطقة الأمن في إدلب”.
وأمس الأحد قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن الاتفاق مع تركيا بشأن محافظة إدلب السورية لم ينفذ بالكامل، ما يزيد من قلق موسكو ونظام الأسد.
وأضاف بيسكوف، في حديث للقناة الروسية الأولى، أن أنقرة أكدت أن اهتمامها مركز على الوضع في إدلب.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أكدت في وقت سابق أن العسكريين الأتراك لم ينجحوا بعد في تنفيذ جميع التزاماتهم بموجب اتفاق المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، عملاً باتفاق الرئيسين بوتين وإردوغان. وقالت الأسبوع الماضي إن الأوضاع هناك تتدهور بسرعة، وإن المنطقة تخضع بالكامل تقريباً لسيطرة متشددي “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام).
في الأثناء، واصلت قوات الأسد إرسال التعزيزات العسكرية إلى محيط محافظة إدلب، دون وضوح الهدف الذي تسعى إليه في المنطقة سواء عمل عسكري أو خطوات لتحصين الجبهات.
وذكرت شبكات موالية ومصادر محلية أمس الأحد، أن قوات الأسد أرسلت قافلة كبيرة إلى ريفي حماة الشمالي والغربي، من أجل تعزيز خطوط المواجهة حول المنطقة منزوعة السلاح.
وقال مصادر موالية إن التعزيزات التي وصلت مؤخراً تتبع للفرقة الأولى و”فوج المدفعية 141″، ومن المقرر أن تبدأ مهمة جديدة في الأسابيع المقبلة.
بينما أوضحت وكالة “سبوتنيك” الروسية في تقرير لها، اليوم، إنه “تم نقل عدد من الآليات والدبابات والمدافع المتوسطة والبعيدة المدى، وستدعم القوات القادمة الجاهزية التامة في حال طرأ أي تغيير على جبهات ريفي حماة وإدلب خلال الأيام القليلة المقبلة”.
في سياق متصل، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، اليوم الإثنين، إن “هيئة تحرير الشام” ارتكبت انتهاكات وشنت حملة اعتقالات تعسفية في الأشهر الأخيرة ضد المدنيين في محافظة إدلب. وهو ما من شأنه -ولو من غير قصد- تدعيم وجهة النظر الداعية إلى مهاجمة إدلب.
ووثقت المنظمة 11 حالة اعتقال نفذتها “هيئة تحرير الشام” بحق مدنيي إدلب، بسبب نشاطهم السلمي وتوثيقهم الانتهاكات أو الاحتجاج على إدارتها للمنطقة.
كما أن ضيق المدنيين بالهيئة وسطوتها على كل أشكال الحياة (التعليمية والاقتصادية والاجتماعية..) يجعل الأمور تمضي باتجاه الانفجار في أي وقت.
ومؤخراً رفض طلاب جامعة حلب الحرة، قرار “حكومة الإنقاذ” (التي تهيمن عليها “هيئة تحرير الشام”) بتبعية الجامعة إلى “مجلس التعليم العالي” التابع لها.
وقال الطلاب في بيان نشر على صفحتهم في “فيس بوك”، أمس الأحد، إن “مجلس التعليم في حكومة الإنقاذ” أصدر قراراً يقضي بتبعية الجامعة إدارياً إلى “جامعة حلب الشهباء” (النهضة سابقاً)، مؤكدين أن هذا القرار لا يعنيهم، وهم غير ملزمين به.
وكانت “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) سيطرت مطلع العام الجاري على معظم محافظة إدلب وريفي حلب وحماة الملاصقين لها، كما فرضت ذراعها (حكومة الإنقاذ) سلطة إدارية في المنطقة، وهو ما لقي اعتراضات كبيرة ومتواصلة، في ظل وضع أمني واقتصادي متردٍ، وتهديدات جدية من النظام وحلفائه.
Sorry Comments are closed