إدلب بين فكي أردوغان وبوتين

بسام الرحال28 يناير 2019آخر تحديث :
إدلب بين فكي أردوغان وبوتين

وأخيراً عُقدت وانتهت القمة الروسية التركية في موسكو، وأكدت الدولتان كلتاهما، المؤكد والثابت منذ وقت ليس بالقصير فيما يخص عمق العلاقات الثنائية والتفاهمات والاتفاقات المشتركة من حيث الاستثمارات العابرة للحدود والتبادل التجاري المتنامي، وذلك منذ وجدت الدولتان أسساً مشتركة لبناء علاقة متينة تبدأ بالنظرة الاستراتيجية طويلة الأمد للعالم والإقليم، ولا تنتهي عند العلاقات البينية المتزايدة في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية.

وأكثر ما ميز التقارب الروسي التركي وأكده التماهي المشترك والتفاهم العميق بين الدولتين، هو القواسم المشتركة والمصالح المتداخلة بينهما على الأرض السورية، إضافة إلى إدركهما أنه لا يمكن لأحدهما تجاهل الآخر أو الاصطدام المباشر معه لعمق ما يحظى به الطرفان من تأثير ونفوذ على طرفي المعادلة السورية الموغلة في التناقض والتصادم والدماء.

وكأن بالدولتين قد حلتا اللغز أخيراً، وتمكنتا من حل طلاسمه ورموزه وتوصلتا إلى نتيجة مفادهها، “إن تدخلت في صراع ما وعجزت رغم تدخلك المباشر بكل الأدوات الممكنة عن وقفه أو ترجيح كفة من تدخلت لأجله بسبب تعقيدات فرضها الواقع الجيوسياسي وتناقضات الإقليم ودوره الوظيفي والكثير من التدخلات العابرة للحدود، فلا بأس من أن تفكر في مصالحك وهواجسك وأن تنال من الشهد ما تستطيع، فأنت في داخل الخلية الآن وتتعرض لكثير من اللسعات والخسائر، ولتذهب الأطراف المتصارعة إلى الجحيم بما أنها عجزت عن تقديم حل ما يتيح تعايشاً دائماً أو نصراً ساحقاً في الميدان المتحرك”.

وخرج الرئيسان والناطقين بأفكارهم واتفاقاتهم بنتائج تؤكد أن وجهات النظر متطابقة حول كل شيء، وأن تفاهمات البلدين حول كافة المسائل باقية ومستمرة وتتمدد، وأنهما لن يسمحا لإدلب أو غيرها بتعكير صفوها، وأنه تم تسليم القضايا الفنية المتعلقة بوضع المدينة للتكنوقراط من المختصين والفنيين، وأنهما لم يجدا خيراً من وزيري الدفاع في كلا البلدين لمهمة كهذه، وإن كان مصير قائد فصيل النظام ووضعه القانوني محل نقاش دائم بين الرئيسين وأنه لم يتسنى لهما بعد أن يتفاهما بشكل عميق بشأنه.

المراقب لحال العلاقة بين روسيا وتركيا منذ 2016 يجد وكأن كلاً من الدولتين قد وجدت ضالتها في الآخرى، وأن أي حل على الأرض السورية لن يكون ممكناً بمعزل عن إرادتهما وتفهم مصالحهما وهواجسهما.

فروسيا وجدت في تركيا وأردوغانها جهة موثوقة وذات نفوذ كبير على الأرض، ودولة عريقة وكبيرة في كامل الإقليم وتشكل منفذاً إجبارياً وعراباً لها في كامل منطقة الشرق الأوسط، ولسبب وجيه آخر وهو رغبة روسيا في دق إسفين في البنية الصلبة لحلف الناتو الذي تملك فيه تركيا عضوية أساسية، وأيضاً في العلاقات التركية الأمريكية والغربية بشكل عام، إلى جانب كون تركيا شريكاً اقتصادياً مهماً يطمح أي كان إلى بناء علاقة قوية معها.

أما تركيا فوجدت في روسيا حليفاً قوياً اقتصادياً واستراتيجياً بعد أن تأكدت من أن حلفاءها وعلاقاتها مع الدول الغربية تخضع للتناقض والعنصرية ومزاجية الأحزاب الحاكمة وإيديولوجياتها المختلفة، وبحكم إيمان تنامى مع الوقت وأكدته التجربة فإن روسيا لن تتخلى عن النظام من دون ثمن، وإنها ليست في وارد الخروج من الأرض المشتعلة بخفي حنين، وإنها ولأسباب تاريخية ملتزمة ببقائه وديمومته أقله حتى يحين الوقت وتسمح الظروف المحيطة بثمن نفيس يرضيها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل