هل يُصلح بيدرسون ما أفسده دي ميستورا؟

فريق التحرير24 يناير 2019آخر تحديث :
(NTB Scanpix/Heiko Junge via Reuters)

أحمد زكريا – حرية برس

جولة مباحثات مكوكية يجريها المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا “غير بيدرسون” التقى خلالها كلا من نظام الأسد في دمشق، والمعارضة في الرياض، في ظل مواصلة مباحثاته مع الطرف الروسي على أمل أن يحقق أي اختراق في مهمته الجديد على صعيد ملف القضية السورية.

ويرى مراقبون أن مهمة “بيدرسون” لن تكون سهلة ومنهم من وصفها بالمهمة المستحيلة، في ظل العقبات التي واجهت من سبقه من المبعوثين بسبب تعنت النظام وروسيا أمام أي استحقاق سياسي.

ويعد “بيدرسون” رابع مبعوث أممي إلى سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011، واستلم مهامه خلفًا للمبعوث السابق “ستيفان دي مستورا” الذي انتهت مهمته في 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وكان المبعوث الأممي الجديد أعلن خلال زيارته إلى موسكو، الاثنين، أن “النزاع في سوريا طال أمده، لكن لا يوجد حل عسكري، وأن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الموقف” بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.

ويتساءل مراقبون عن مدى فرص نجاح المبعوث الأممي الجديد “بيدرسون” في مهمته الجديدة؟ وما الذي يحمله من أفكار وخطط لدعم العملية السياسية في ملف القضية السورية؟ وهل ستكون مهمة “بيدرسون” صعبة أم ستكون مستحيلة؟ وما هي فرص نجاحه في إحداث أي اختراق فيما يخص العملية السياسية؟

مهمة مرتبطة بخيارات روسيا والإرادة الدولية

ويرى مراقبون، أن “بيدرسون” القادم من النرويج يختلف في هندسته للمهمة الموكلة إليه عن المبعوث السابق “دي مستورا”، فيما يخص الخطوات التي سيبدأ من خلالها مباحثاته مع الأطراف المختلفة والرئيسة في القضية السورية.

الدكتور “يحيى العريضي” المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات قال لحرية برس: حقيقة لن يختلف منسوب نجاح المبعوث الدولي “غير بيدرسون” عن نجاح سلفه، ما لم يشعر ويستشعر كل من كان يعرقل مهمته أن مصالحه وهنا أقصد روسيا وإيران، أو مصيره وأقصد النظام، أنه مهدد.

وأضاف، أن المعطيات نسبيًا مختلفة، فروسيا بوضع ربما لم يعد يسمح لها بالتكتكة والبهلوانية كي تأكل البيضة وقشرتها كما يقال، فهي تنجز سياسيًا وتحتفظ بنظام مجرم وهذا ما كانت تقتضيه بهلوانيتها، لكن عليها الآن أن تختار أحدهما فإذا كانت تريد أن تنجز حلًا سياسيًا فهذا النظام الاستبدادي لن يفيدها ولا حتى شراكتها مع إيران تنفعها، لأن إيران عمليًا هي المخرب الأساس لأي فرصة للسلام لأنها تعيش على التوتر، وإن أرادت روسيا الاحتفاظ بالنظام فعليها دفع التبعات.

وتابع بالقول: من هنا فإن نجاح المبعوث الأممي الجديد مرتبط بتلك المعادلة، ومرتبط أيضا بإرادات دولية إما تريد حلًا سياسياً في سوريا وإما لا تريد.

وأشار، إلى أن كل ما يمكن أن يساهم بالحل السياسي يعتبر جزءً من استراتيجية الهيئة وتسعى إليه، من خلال تواصلاتها مع الأمم المتحدة ومع الدول المعنية بالقضية السورية ومع الدول العربية، ومع هؤلاء الذين يحملون قضية السوريين كأمانة.

ولفت “العريضي” الانتباه، إلى أنهم في الهيئة العليا للمفاوضات متمترسون عند القرار الدولي 2254، وقال: نأمل أن يكون هناك أي فاتحة أو أي بوابة باتجاه انجاز أي حل يعيد سوريا وأهل سوريا إلى سكة الحياة.

مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة

وكان المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي “بيدرسون” وصف عبر حسابه الرسمي على، تويتر، المشاورات مع الهيئة العليا للمفاوضات بأنها “قيمّة”، لافتًا إلى أن “بيدرسون” شدد على أن العملية السياسية تسترشد بالقرار 2254 الذي ينص على احترام سيادة سورية وسلامتها الإقليمية ويؤسس لحل سياسي بقيادة وملكية سورية تيسره الأمم المتحدة.

“يحيى مكتبي” عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض، رأى أن مهمة المبعوث الدولي هي صعبة بالتأكيد لكنها ليست مستحيلة، وقال لحرية برس: المهمة صعبة لأن المشهد في سوريا أصبح عند تقاطع وتشابك على مستويات عديدة ما بين المحلي والإقليمي والدولي، وهذه الوقائع التي حدثت مع مرور سنوات الثورة زادت من حدة الصراع وأيضًا هناك تداخل واضطراب المواقف ما بين القوى السورية وما بين الدول المعنية بالمشهد السوري.

وتابع بالقول: لكن المهمة ليست مستحيلة، لأن “بيدرسون” هو ممثل للأمم المتحدة وهناك قرارات صادرة عن الأمم المتحدة بحاجة إلى تطبيق وخاصة بيان جنيف رقم 1 والقرار 2118 وأيضا القرار المحوري 2254.

وأضاف: حتى الآن ونتيجة تعنت واعاقة نظام الأسد لأي تقدم في العملية السياسية لم يجرِ تطبيق أيّ خطوة، مع أن القرار 2254 يتضمن في الفقرات 12 و13 و14 أمورًا تتعلق بالجانب الإنساني، ولكن النظام لم يكن في أي يوم من الأيام معنيًا على الاطلاق من إطلاق سراح للمعتقلين أو ما مارسه على أهلنا لسنوات طويلة من سياسة الحصار والتجويع إضافة للقصف بالبراميل المتفجرة.

وأكد “مكتبي” أنهم في الائتلاف الوطني جاهزون للتعامل مع مهمة “بيدرسون” بكل إيجابية وقال: سنكون جاهزين ولدينا كامل المبادرة وسنتفاعل بإيجابية مع الخطوات التي تؤدي إلى دفع العملية السياسية وتسهيل مهمة السيد بيدرسون، ومن المبكر الحديث عن مدى فرص النجاح في إحداث اختراق بالعملية السياسية، فالسيد “بيدرسون” يحتاج لبعض الوقت حتى يستمزج الآراء سواء في لقاء الأطراف السورية المباشرة وأيضا الدول المعنية بالمشهد السوري، ونتمنى أن يكون هنالك تقدم إيجابي.

وأضاف، أعتقد أن ذلك يبنى بشكل أساسي بالضغط على نظام الأسد من خلال داعميه لتقديم مقتضيات دفع العملية السياسية خطوات تنفيذية إلى الأمام، وقال: نحن بحاجة إلى بعض الوقت لنُقيّم هذه الفرص في النجاح، مع تمنياتنا أن يكون هناك تقدم حقيقي وتحريك للمياه الراكدة التي بقيت لفترة طويلة تراوح الأمور في مكانها، في ظل ما كان يحرص عليه نظام الأسد وداعميه من المضي قدمًا في الحل العسكري ومواصلة سياسة المحرقة ضد الشعب السوري.

شراء المزيد من الوقت وإعادة تأهيل النظام

من جانبه قلل الكاتب والإعلامي السوري “أحمد الهواس” من مهمة “بيدرسون” ومساعيه الرامية لإعادة العملية السياسية في القضية السورية إلى سِكتها الصحيحة وقال لحرية برس: لا شيء جديد في جولة المبعوث الدولي الجديد سوى شراء مزيد من الوقت لكي يصبّ في مصلحة النظام الطائفي وحلفه، فالغاية ليست إنهاء معاناة الشعب السوري بل إنهاء الثورة بأي وسيلة ومهما كان الثمن.

وأضاف، أن هذه الجولات ليست إلا مرحلة من مراحل سحق الشعب الثائر، ومد طوق النجاة لقاتليه بل إعادة الحياة للنظام بعد أن سقط بالشرعية الثورية واعترفت أكثر من 125 دولة بالائتلاف، ولكن هذه المفاوضات منذ ظهور جنيف1 عملت على إنهاء مفهوم الثورة واستبدلتها بالمعارضة، وهذا يعني أن ثمة نظامًا شرعيًا في سورية.

وبحسب وجهة نظر “الهواس” ليس هناك عملية مستحيلة حتى نتحدث عنها، وقال: إن هناك إعادة تأهيل النظام من جديد بل وتقديم مكافأة له على الحفاظ على أمن الصهاينة وعدم السماح بالتغيير في سورية، وهذا يعني تغييرًا كليًا في البناء الرسمي العربي، هذا البناء الذي يكفل استمرار “إسرائيل” واستمرار الفساد والاستبداد في العالم العربي، لذلك فإن تحول الثورة إلى معارضة هو النصر الذي حققه المجتمع الدولي المنافق الذي أوجد لجانًا ومبعوثين، ليثبت أن الشعب في ثورة أم أن النظام في حرب ضد الإرهاب.

وختم “الهواس” بالقول: إن ما حصل ويحصل في سورية، عرّى هذا المجتمع وأسقط ورقة التوت التي كانت تستر من ادعوا أنهم الخمسة الكبار في مجلس الأمن، حيث سهلوا وما زالوا قتل وتدمير وتهجير الشعب السوري، بذريعة تعطيل مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي الصيني، والواقع أن الملف لو نقل للجمعية العمومية للأمم المتحدة تحت فقرة الاجتماع من أجل السلم لانتهى الأمر بقرار ملزم.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل