أفاد التقرير النهائي للجنة التحقيق في حرب العراق بأن توني بلير رئيس الوزراء البريطاني آنذاك أقحم قوات بلاده في حرب لم يكن لها أي مبرر.
وضم التقرير الذي صدر اليوم تفاصيل عن قدرات نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وتناول المعلومات التي زعمت وجود أسلحة دمار شامل في العراق يمكن أن تطلق خلال 45 دقيقة. واستمر التحقيق في التدخل العسكري في العراق في عام 2003 سبع سنوات.
وقالت اللجنة التي يرأسها جون شيلكوت في تقريرها النهائي اليوم الأربعاء، إن المعلومات والتقييمات الاستخباراتية التي بنت بريطانيا سياستها عليها بشأن العراق كانت ضعيفة، وحتى التقارير بشأن مدى خطورة التهديد الذي شكلته أسلحة الدمار الشامل في العراق في ذلك الوقت، “اتسمت بثقة غير مبررة” من قبل الأجهزة البريطانية.
وقال شيلكوت: “استنتجنا أن بريطانيا قررت الانضمام إلى اجتياح العراق قبل استنفاد كل البدائل السلمية للوصول إلى نزع أسلحة البلاد، بينما لم يكن العمل العسكري آنذاك حتميا”.
وأوضح أن”الأسس القانونية للتدخل العسكري البريطاني في العراق ليست مرضية”، ملقياً بالمسؤولية على رئيس الوزراء وحكومته في ذلك الوقت والذي وجهه رسالة للرئيس الأميركي جورج بوش في 28 تموز/يوليو 2002 “بالوقوف معه مهما حصل”، متجاهلاً التحذيرات بتداعيات هذا العمل العسكري على بلاده، وعلى العراق بوجود مخاوف من انتقال أسلحة الجيش العراقي إلى جماعات إرهابية ولاسيما الخطر المحدق بأمن المملكة من تنظيم القاعدة.
وأشار شيكلوت في تقريره إلى أن العراق لم يشكل خطرا على بريطانيا في 2003، مضيفاً أن التخطيط لم يكن “مناسباً على الإطلاق”، مؤكداً على أن الحكومة البريطانية بعد كل ذلك فشلت في تحقيق الأهداف التي أعلنتها من هذه العملية والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 جندي بريطاني و150 ألف عراقي و”ربما أكثر بكثير”، بالإضافة إلى نتائجها السلبية على العراق نفسها، حيث خلقت حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة ومسببة بمعاناة كبيرة للشعب العراقي.
وقد جرى خلال هذا التقرير الاستماع إلى 120 شاهداً بينهم توني بلير المتهم بتضليل الشعب البريطاني بتأكيده وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق، وغوردون براون الذي تولى رئاسة الحكومة بعده.
وقال بلير خلال إفادته إنه يتحمل “كامل المسؤولية” عن قراره بدخول بريطانيا في الحرب على العراق في 2003.
وبرر بلير قراره قائلاً: “كنا في عالم جديد، ولم نكن نعلم من أين ستأتي الهجمات القادمة. التقرير يقبل فرضية أن الحسابات اختلفت بعد الهجمات” أي عقب هجمات 11سبتمبر/أيلول على نيويورك.
واعترف بلير للصحفيين: “اتضح أن تقييمات المخابرات وقت الذهاب للحرب كانت خاطئة. واتضح بعد ذلك أن العواقب أكثر عدائية وامتدادا ودموية مما نتخيل”، مضيفاً “أعبر عن الأسى والأسف والاعتذار أكبر مما تتخيلون”.
كما رفض بشدة أن حرب العراق تسببت في تفشي الإرهاب في العالم، مضيفاً أعتقد أن العالم كان مكانا أفضل بدون صدام حسين الذي أسقطه الغزو، وإنه لم يكن لديه خيار آخر لتأجيل الحرب على العراق.
واعترف بلير أن التخطيط لحرب العراق كان ينبغي أن يكون مختلفاً، لكنه قال “لو عرفت أن هذا الديكتاتور يملك اسلحة كيماوية، وأنه استمر في الكذب حولها، هل كنت ستخاطر بتركه في مكانه”.
وقال هانز بليكس، من فريق مفتشي الأمم المتحدة على أسلحة الدمار الشامل في العراق: “أجرينا حوالي 700 عملية تفتيش في 500 موقع قبل اندلاع الحرب، ولم نجد اثرا لأسلحة الدمار الشامل، وأخبرنا بلير ومجلس الأمن الدولي بذلك”.
وأضاف: تحدثت إلى بلير عبر الهاتف يوم 20 فبراير/شباط عام 2003 وقلت له إننا غير مقتنعين بالتقارير الاستخبارية التي تقول بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، وبلير أجاب أنه مقتنع بالتقارير الاستخبارية التي تلقاها، والتي ثبت لاحقا خطؤها”.
من جانب آخر صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون قائلاً: إن الحكومة بحاجة لاستخلاص الدروس من الأخطاء التي صاحبت الاستعداد للمشاركة في غزو العراق”،ذلك الغزو الذي أودى بحياة 179 جندياً بريطانياً، فيما عائلاتهم ضحايا تطالب بالكشف عن ملابساتها.
عذراً التعليقات مغلقة