ياسر محمد – حرية برس
استبقت موسكو القمة المزمعة اليوم بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، للضغط باتجاه تقويض اتفاق إدلب وطرح المنطقة على طاولة التفاوض كبديل من المنطقة الآمنة التي تصر تركيا على إنشائها على طول حدودها مع سوريا.
وفي هذا الصدد؛ كررت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، اليوم الأربعاء، حديث وزير خارجيتها الذي ألقاه منذ يومين على مسامع المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا، غير بيدرسون، فقالت زاخاروفا: “الوضع يتدهور سريعاً في محافظة إدلب السورية”، حيث حاولت روسيا وتركيا إقامة منطقة لخفض التصعيد منذ نحو أربعة أشهر.
وأضافت أن “المنطقة تخضع الآن لسيطرة شبه كاملة لجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)”.
الكلام ذاته كررته وزارة الخارجية الروسية عبر معرفاتها الرسمية اليوم الأربعاء، مدعية أن “الوضع الحالي الذي وصلت إليه محافظة إدلب يثير قلقاً كبيراً”.
وأضاف البيان: “الأوضاع في هذه المنطقة تتدهور بسرعة، والأراضي عملياً باتت تحت سيطرة جبهة النصرة”.
ويقول محللون إن التصريحات المكثفة في هذا الاتجاه تشير إلى الموقف الذي سيتبناه بوتين في نقاشه مع الرئيس التركي، حيث سيضغط لمبادلة إدلب بالمنطقة الآمنة المزمعة شرقي الفرات.
وقبل اللقاء الذي سيجمع الزعيمين، رأى مصدر سياسي روسي أنه “قد تسعى أنقرة وموسكو لوضع خطة عمل لانتقال إدلب أو الجزء الأكبر منها إلى سيطرة النظام السوري، من دون أن تعرقل تركيا ذلك. وفي الوقت نفسه، لن تعرقل روسيا إقامة منطقة آمنة على امتداد الحدود التركية السورية”. وبالنسبة إليه “ليس من المستبعد أن تقام منطقة آمنة كهذه في إدلب أيضاً لضمان مصالح تركيا في المناطق الحدودية من هذه المحافظة”.
بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن لقاء الرئيسين سيتركز على الوفاء بالاتفاقات الروسية – التركية بشأن إدلب، معتبراً في الوقت نفسه أنها “لا تقتضي منح حرية كاملة للإرهابيين الذين يواصلون قصف مواقع للقوات السورية (قوات الأسد) والمواقع المدنية من المنطقة منزوعة السلاح، ويحاولون مهاجمة القاعدة الجوية الروسية في حميميم”.
ويشير محللون إلى أن بوتين سيتسلح بموقف متعنت من المنطقة الآمنة التي تريد تركيا تشكيلها بطول 460 كم وعمق 32 كم على حدودها مع سوريا، متذرعاً بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها.
ورجحت وكالة الأنباء الفيدرالية أن روسيا قد لا تدعم الخطة التركية بشأن المنطقة الآمنة، مشيرة إلى أن “موسكو، على عكس أنقرة، تنحاز لمبادئ استقلال الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، المنصوص عليها في إطار عملية أستانة”. وقال سولونيكوف مدير “معهد التنمية الحديثة للدولة” للوكالة بهذا الخصوص: إن “مهمة موسكو هي إعادة كامل أراضي البلاد إلى سيطرة نظام الأسد (الحكومة الشرعية وفق زعمه)”،. وتابع قائلاً: “إذا كانت روسيا ستمثل في هذا الحوار طرف دمشق والشعب السوري، فإن تركيا ستمثل مصالحها هي فقط. قد يحدث تنسيق ما لهذه المواقف، لكنه لن يتسنى، على الأرجح، تحقيق تنسيق كامل في جولة واحدة”.
فيما توقعت مصادر في المعارضة السورية، ومحللون، أن يتم منح تركيا مهلة إضافية لتغيير الوضع في إدلب، من خلال القضاء على رؤوس هيئة “تحرير الشام” وطرد الأجانب منهم، وصولاً إلى جرها نحو الاعتدال، أو اللجوء إلى سيناريو عسكري بمشاركة روسيا يتم بموجبه الحد من قوة “تحرير الشام” وسيطرتها، إلا أن سيناريو كهذا ربما تكون تكلفته كبيرة على تركيا والمدنيين السوريين في المنطقة، بينما تستغله روسيا لصالح النظام بسلخ قسم كبير من إدلب وضمها إلى حظيرته.
عذراً التعليقات مغلقة