ياسر محمد – حرية برس
بعد تحقيقها مكاسب ميدانية سريعة، انتهجت “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) طريقة جديدة تقضي بفرض شروط على الأطراف المغلوبة تشبه تماماً تلك التي كان يفرضها نظام الأسد عندما طبق خطة “المصالحات” سيئة الصيت، بعدما كان الاقتتال الفصائلي يُحل سابقاً عبر تفاهمات ومحاكم شرعية يلجأ إليها المقتتلون.
فبعد معارك قصيرة بين “تحرير الشام” و”أحرار الشام”، أمس الثلاثاء، في جبل شحشبو وسهل الغاب بريف حماة الغربي، أعلنت “أحرار الشام” في سهل الغاب حل نفسها، وخضعت لشروط “تحرير الشام” التي قضت بتسليم عناصر الأحرار سلاحهم الثقيل والمتوسط للهيئة، والاحتفاظ بالسلاح الخفيف فقط، ومغادرة رافضي الاتفاق إلى مناطق “غصن الزيتون” بريف حلب الشمالي، على أن تتسلم “حكومة الإنقاذ” التابعة لتحرير الشام إدارة المنطقة سياسياً وإدارياً، ما يعني أيضاً هزيمة للحكومة المؤقتة التي تمثل الائتلاف الوطني المعارض، والتي كانت تدير الأمور في مناطق سيطرة فصائل الجيش الحر (الجبهة الوطنية للتحرير).
وقبل يومين، قالت وكالة “إباء” التابعة لتحرير الشام إن “حكومة الإنقاذ” دخلت إلى بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوبي لإدارتها بعد خروج فصائل “الجبهة الوطنية” منها.
واللافت أن “حكومة الإنقاذ” تدخل بشكل فوري للمناطق التي تسيطر “تحرير الشام” عليها لإدارتها، ما يؤكد نية الهيئة الاستيلاء على المنطقة عسكرياً وسياسياً وإدارياً.
وسبق لحكومة “الإنقاذ” أن دخلت ريف حلب الغربي فور سيطرة “تحرير الشام” عليه مطلع الأسبوع الجاري، وطبقت الهيئة نسخة طبق الأصل من اتفاقات “المصالحة” على مدينة الأتارب ومقاتلي الجيش الحر فيها، وكذلك المدنيين، إذ غادر مئات المقاتلين من حركة “نور الدين زنكي” وفصائل أخرى المنطقة متجهين إلى مناطق “درع الفرات”، كما تم تسجيل مغادرة ألف مدني على الأقل يوم الأحد فقط، ووثقت كاميرات الناشطين مواكب طويلة من السيارات والشاحنات تغادر الأتارب في مشهد يذكر بظاهرة “الباصات الخضراء” التي هجّر فيها النظام سكان مناطق “المصالحات” الذين رفضوا فرض التسوية.
ومع عزم “تحرير الشام” على مهاجمة معرة النعمان وأريحا، وسعيها لاستكمال سيطرتها على كامل إدلب وجوارها، لم تبدِ تركيا أي ردة فعل كما توقع الكثير مكن المحللين، بل على العكس من ذلك صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، أنه لم تحدث أي مشكلة في تطبيق اتفاق إدلب المبرم مع موسكو حتى اليوم، آملا في بقاء الأمور كما هي مستقبلاً.
الكاتب والباحث السوري أحمد أبازيد اعتبر أن “تحرير الشام” تسعى لإنهاء الثورة في إدلب، فكتب معلقاً على حربها ضد الفصائل: “بعد سقوط الزنكي توجه الجولاني إلى تصفية جيوب الثوار المتبقية شمال إدلب وغرب حلب، للتوجه نحو مناطق المعرة وأريحا وجبل الزاوية والغاب، وهي آخر مواقع الثوار في إدلب”، معتبراً أن “مخطط إنهاء الثورة في إدلب وفرض سيطرة وحيدة لـ(هتش) بدأ مع اغتيال الصوت المدني رائد الفارس وحمود ثم اتجه لإنهاء الفصائل”.
ويقول ناشطون ومحللون إن سيطرة “تحرير الشام” (النصرة) على منطقة خفض التصعيد الأخيرة في سوريا (محافظة إدلب وريفي حماة وحلب الغربيين وريف اللاذقية الجنوبي)، يجعل طريق النظام وحلفائه ممهداً لاحتلال المنطقة، كون “تحرير الشام” مصنفة على لوائح الإرهاب، وكذلك لانعدام حاضنتها الشعبية، كما أن “اتفاق سوتشي” الذي أقر الهدنة في المنطقة يقضي بمحاربة “تحرير الشام” والفصائل المصنفة “إرهابية”، ما يدخل المنطقة في حسابات معقدة داخلياً وإقليمياً ودولياً.
عذراً التعليقات مغلقة