ياسر محمد – حرية برس
بعد لغط كبير وتحركات دولية وإقليمية وداخلية لملء الفراغ الذي سينشأ عن انسحاب القوات الأميركية من سوريا، عقب قرار الرئيس دونالد ترامب المفاجئ منذ نحو أسبوعين بسحب قوات بلاده فوراً من سوريا، عاد ترامب للمداورة بقوله، أمس الأحد، إنه لن ينفذ قرار سحب القوات الأميركية من سورية سريعاً، في وقت شدد فيه على أن الانسحاب من سوريا لن يحدث دون اتفاق لحماية الأكراد، بحسب ما قاله مستشاره للأمن القومي جون بولتون.
وأعلن مستشار بولتون في تصريحات للصحافيين خلال زيارته لـ”إسرائيل” أمس، أن واشنطن لا ترغب بأي تحرك عسكري تركي في سوريا دون التنسيق معها، قائلا: “سنناقش الانسحاب من سوريا مع إسرائيل وتركيا خلال جولة إقليمية”.
وتابع: “إن انسحاب الجيش الأميركي من شمال شرق سوريا مشروط بهزيمة فلول تنظيم داعش، وضمان تركيا سلامة المقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة”، ونفى بولتون أن يكون هناك جدول زمني محدد للانسحاب، وهو ما يفتح مجدداً الاحتمالات على مصراعيها بخصوص المدة التي قد يستغرقها سحب القوات الأميركية من شرق سوريا، والتي قد تطول إذا لم يتحقق الشرطان اللذان أعلن عنهما بولتون.
الكاتب والإعلامي السوري محي الدين لاذقاني استبعد أي انسحاب أميركي من مناطق شرق الفرات، وكتب معقباً على قرار ترامب: “أميركا لن تنسحب قطعا من سوريا والبلبلة التي أثارتها تغريدة ترامب ظهر لها تفسيرات أكثر من شروحات ألفية ابن مالك وكلها تميل للنفي”.
ليعود ويؤكد في تغريدة لاحقة: “منذ اللحظة التي بدأ يلعلع فيها المحللون السياسيون بالفضائيات عن الانسحاب الاميركي من سوريا ويرسمون سيناريوهات فراغ وامتلاء وتخمة.. بدأت أنظر للأمر بشكل كوميدي، فهؤلاء المتحمسون يقولون دوماً أي كلام للاستهلاك الآني.. لذا صار من الضروري أن نستبدل مصطلح (كلام جرايد) بـ (كلام فضائيات)”.
المستشار بولتون، أكد بأن القوات الأميركية ستبقى في منطقة التنف في جنوب سوريا، لمواجهة تزايد النشاط الإيراني هناك، وكشف أن بلاده طلبت من حلفائها الأكراد شرقي الفرات “التوقف والامتناع بشكل سريع الآن عن طلب الحماية من روسيا أو نظام بشار الأسد”، مضيفاً أن المبعوث الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي، جيمس جيفري، سيسافر إلى سوريا هذا الأسبوع، لطمأنة الأكراد بأن واشنطن لن تتخلّى عنهم”.
يأتي هذا الطلب في الوقت الذي سرت فيه أنباء عن مفاوضات “كردية” مع نظام الأسد عن طريق روسيا، طرحت خارطة طريق من قبل قادة فيما يسمى قوات “سوريا الديمقراطية” خلال لقاء مع مسؤولين روس في موسكو، تتضمن: تسليم مناطقهم لنظام الأسد ضمن نظام إدارة مشتركة مع ما يعرف بالإدارة الذاتية التابعة للوحدات الكردية، واعتماد نظام اللامركزية في العلاقة مع دمشق، واللغة الكردية كلغة ثانية في البلاد، مقابل انضمام عناصر ميليشيا (سوريا الديمقراطية) لقوات الأسد، على أن تعهد موسكو بمنع أي عمل عسكري تركي على المنطقة.
تأتي هذه التطورات في ظل تقدم يحرزه تنظيم “الدولة” (داعش) على حساب ميليشيا “قسد” في بادية دير الزور، وهو ما يضع ترامب على المحك مجدداً، بعد قوله للصحفيين أمس: “لم أقل مطلقاً أننا سنفعل ذلك على وجه السرعة (الانسحاب من سوريا) لكن عندما نقضي على تنظيم الدولة الإسلامية”.
عذراً التعليقات مغلقة