مصطفى أبو عرب – حماة – حرية برس:
تعتبر القهوة العربية رمزاً من رموز الضيافة والكرم عند العرب، ولها مكانة كبيرة عندهم، حيث تتميز بمذاقها المر وخلوها من السكر، وهي أول ما يقدم للضيف بعد الترحيب.
ويعتبر اليمن الموطن الأصلي للقهوة ومن ثم انتقلت إلى الجزيرة العربية وبلاد الشام، ومنها انطلقت إلى مختلف مناطق العالم، وتكاد تكون المشروب الأكثر شعبية بالنسبة لمعظم السوريين، وتعد المشروب المفضل لأهالي “جبل شحشبو” في ريف حماة الذي يكرمون به الضيف.
وللقهوة طريقة خاصّة في التحضير تمر بمراحل عدة حتى تصل الى النكهة المطلوبة، وأوضح “محمود العبيد”، لحريّة برس، طريقة تحضيرها قائلاً: “نبدأ بتحميص حبات القهوة النيئة على النار بواسطة (المحماص)، ونحركها بواسطة عصا طويلة من الحديد تشبه الملعقة الطويلة، نحركها جيداً حتى تنضج من جميع جهاتها، وبعد ذلك يتم تبريدها، ثم تأتي مرحلة طحن القهوة باستخدام (المهباش)، ثم نضع الدّلة الكبيرة على النار لطبخ القهوة ونتركها تغلي جيداً، ومن بعد غليانها نتركها حتى تركد ونصفيها، ونسكبها في الدلة الصغيرة مع عدد من حبات حيث تضفي عليها مذاق رائع، وبعد ذلك يتم تقديمها للضيوف”.
وأشار “أبو عبد الرحمن” إلى أن “هناك العديد من العادات والتقاليد عند تقديم القهوة، فعلى من يقدمها أن يمسك الدلة بيده اليسرى والفنجان بيده اليمنى، ويقدمها وهو واقف وأن يحتسي الفنجان الأول أمام الضيوف، ولا يجلس حتى ينتهي من تقديم القهوة لجميع الحاضرين، كما يتوجب عليه أن يبدأ بالتقديم من اليمين، والمتعارف أن الضيف يهز الفنجان عند اكتفائه من شرب القهوة، وما زالت عادات القهوة العربية وجلسات إعدادها الطويلة حاضرة حتى الآن في جبل شحشبو”.
وأضاف “العبيد”، أن “للقهوة العربية أهمية كبيرة، حيث نعتبرها رمزاً لإكرام الضيف وقضاء حوائج الناس وعابري السبيل وإغاثة الملهوف، ويمكن لفنجان القهوة أن يحل أكبر مشكلة مثل قتل أو سرقة أو أي مشكلة أخرى، وإذا امتنع الضيف عن تناول القهوة فمعنى ذلك أن له حاجةً ولا يشربها إلا إذا أخذ وعداً بقضائها، ورغم سنوات الحرب والقصف والنزوح لكننا لم نتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها كابراً عن كابر”.
وعند العرب أربعة أسماء لضيافة فنجان القهوة،حيث حدثنا “الحاج خالد العلي السويد” وهو رجلٌ سبعيني عن تفاصيلها، وبالنسبة للفنجان الأول يسمى “الهيف” مخصص لمن يقدم القهوة ويشربه أمام الضيوف ليأمَن الضيف، وأنها جاهزة للضيافة.
وأضاف أن “الفنجان الثاني (الضيف) وهو أساس الفناجين وهو الفنجان الأول الذي يُقدم للضيف بعد الترحيب به، في حين يسمى الثالث (الكيف) وهو الفنجان الثاني للضيف وله أن يشربه أو يرده إن شاء”.
وأما الفنجان الرابع (السيف) وهو الفنجان الثالث الذي يُقدم للضيف ولا يشربه عادةً، ويشربه أهل العشيرة والأصهار وهو دليلٌ على الوفاء، والدفاع عن الدم والعرض، حسبما ذكر “الحاج خالد”.
يُذكر أن أهالي جبل “شحشبو” غربي حماة ما يزالون يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، حيث تعتبر القهوة العربية جزء من هذا التقاليد، على الرغم من الحرب المستمرة في سوريا منذ سنوات.
عذراً التعليقات مغلقة