صحف فرنسية: زمن الأكراد انتهى.. وباريس مخيرة بينهم وبين أنقرة

مصطفى عباس31 ديسمبر 2018آخر تحديث :
مصطفى عباس
عناصر من مليشيا “قسد” وخلفهم صورة عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني عند دوار النعيم وسط مدينة الرقة – أرشيف

مصطفى عباس – حرية برس:

يبدو أن العام الجديد قد أتى على الرئيس الفرنسي ’’إيمانويل ماكرون‘‘ كما يشتهي، حيث استطاع إخماد نار احتجاجات أصحاب السترات الصفراء، ففي الأسبوع الأخير كان عدة مئات يجوبون شوارع باريس، في حين كانوا قبل أسابيع عشرات الآلاف!.

وفي الشأن السوري لا يزال قرار الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا يتردد صداه في الصحف والمجلات الفرنسية، فضلاً عن عودة بعض الدول العربية لافتتاح سفاراتها في سوريا الأسد. فكيف رأت وسائل الإعلام المكتوبة ما جرى؟

ترامب يغدر بالأكراد

لو بدأنا بصحيفة لوموند التي عنونت في افتتاحيتها ’’طعنة من ترامب في ظهر الكرد‘‘، حيث تقول الصحيفة العريقة: ’’المشكلة هي أن قرار السيد ترامب في الوضع الحالي للصراع خطير للغاية، عكس تأكيداته، حيث لم يهزم تنظيم (داعش)، صحيح أن الخلافة فقدت خلال العامين الماضيين المدن والأراضي، ولكن زعيمها ’’أبو بكر البغدادي‘‘، لا يزال على قيد الحياة، ولا يزال تحت إمرته من 20 إلى 30 ألف مقاتل على الحدود العراقية السورية‘‘.

المشكلة الأخرى هي أن قرار الرئيس الأميركي يرضي موسكو وطهران ودمشق من جهة، وأنقرة من جهة أخرى، لكن القرار لا يرضي أحداً في معسكر التحالف المناهض لتنظيم ’’داعش‘‘، كباريس ولندن، وحتى في واشنطن، تبدو المعارضات هي الأكثر حيوية.

خيانة تسعد الجهاديين

وتخلص الصحيفة إلى القول: قرار ترامب هو عار على أمريكا، وطعنة في ظهر الأكراد، كانت القوات الكردية أفضل حلفاء التحالف الدولي في سوريا، إنهم ما زالوا يقاتلون الجهاديين يومياً، ويحرسون الآلاف من السجناء الذين من المرجح أن يتفرقوا في العالم، وخاصةً في أوروبا، تراجع الأمريكيون لصالح أنقرة ودمشق.

الجميع حذر الآن، إن كلمة الرئيس الأمريكي عديمة القيمة، حيث يمكنك المشاركة في “الحرب العادلة” المعلنة من قبل العالم كله، وتفقد الآلاف من المقاتلين وتُترك وحيداً عبر تغريدة تويتر بسيطة، هذه الخيانة هي أفضل الأخبار التي يسمعها الجهاديون منذ مدة طويلة.

الجبال صديقة الأكراد

وفي عنوان آخر لذات الصحيفة كتبت ’’نهاية زمن الكرد‘‘، وتنقل مادة الرأي هذه عن باحثين مختصين في الشأن الكردي، حيث يكرس كل من ’’بوريس جيمس‘‘ و’’جوردي تيجل جورغا‘‘ أحدث أعمالهما للأكراد الذين تعود أصولهم إلى العصور القديمة، الشعب الذي بدون دولة، ويتواجد في العراق وإيران وتركيا وسوريا.

إن ’’الزمن الكردي‘‘ الذي شهدناه منذ سقوط صدام حسين في العراق عام 2003 و’’الحرب‘‘ في سوريا عام 2011، يتصادم مع المنطق السيادي للدولتين القديمتين في المنطقة، إيران وتركيا.

يشرح المؤلفان ذلك بالتحديد عندما يناقشان تطور المسألة الكردية في هاتين القوتين الإمبرياليتين السابقتين، ولا سيما الباب العالي، الذي يضاعف من تصريحات التدخل في روج آفا، بعد إعلان انسحاب القوات الأمريكية، وبعد أن استولى الأتراك على مدينة عفرين شمال سوريا في أوائل عام 2018.

ليس الأكراد متواكلين ولا ينخدعون، فهم يعرفون أن الغربيين غير موثوقين، وأن وعد الأخيرين لهم بالحرية العالمية والتضامن لا يمكن أن يخدع يقظة سلسلة جبال زاغروس، لأنه كما يقول المثل: ’’الجبال وحدها هي صديقة الأكراد‘‘.

باريس بين أنقرة والأكراد

صحيفة ’’ليبراسيون‘‘ اليسارية عنونت ’’باريس مطالبة بالاختيار بين الأكراد وأنقرة‘‘، موضحةً ’’إن باريس تواجه معضلة وهي أن الأمريكان في الحرب ضد تنظيم (داعش) ضمن التحالف الدولي مع المقاتلين الذين هم بشكل أساسي من الكرد وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي كانت تتولى القتال على الأرض، وتعقد بذات الوقت العلاقات مع تركيا‘‘.

وكما تؤكد التحذيرات الأولى من أنقرة، تبدو اللعبة حساسة للغاية، ’’ستحرص فرنسا على ضمان أمن جميع شركاء الولايات المتحدة، بما في ذلك القوى الديمقراطية السورية (قسد)‘‘.

وقالت وزارة الخارجية ’’يجب أن تؤخذ الحماية في شمال شرق سوريا والاستقرار في هذه المنطقة بعين الاعتبار من قبل الولايات المتحدة لتجنب المزيد من الأزمات الإنسانية وأي عودة للإرهابيين، أما بالنسبة لتركيا فإن الجميع مثل فرنسا يتشاركون في قتال (داعش) ومن أجل الحفاظ على المدن الفرنسية من الهجمات الإرهابية.

ويقول ’’بيرم بالجي‘‘ من المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول، ’’تقوم تركيا بالدفاع عن أمنها القومي عبر دفع مقاتلي حزب العمال الكردستاني بعيداً عن حدودها‘‘.

الأسد المنبوذ دولياً

بالانتقال إلى صحيفة ’’لو بوان‘‘ التي عنونت في افتتاحيتها ’’سوريا: بشار الأسد يعود من جديد‘‘، وتتساءل الصحيفة هل يرى بشار نهاية النفق، وهو المنبوذ من قبل المجتمع الدولي منذ مدة طويلة؟.

وتضيف الصحيفة أنه في العام 2012 قرر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أن أيام الأسد باتت معدودة، فوضع الغرب وحلفاؤهم العرب ثقلهم في صف المعارضة، ولكن بعد ست سنوات ومع التدخل العسكري الحاسم للحليف الروسي في عام 2015، فإن قوات الأسد وبمساعدة أيضاً من قبل إيران ومليشيا حزب الله، استطاعت السيطرة على ما يقرب من ثلثي البلاد بعد طرد الثوار والجهاديين.

ويبدو أنهم في طريقهم لاستعادة السيطرة على الثلث المتبقي في الشمال تحت سيطرة الأقلية الكردية التي أقامت حكماً واقعياً فعلياً في عدة مناطق، بعد القرار الأمريكي بالانسحاب.

وتنقل الصحيفة عن ’’موطلو جيفير أوغلو‘‘ وهو متخصص في الشأن الكردي قوله: إن الأكراد يسعون إلى تحالف مع النظام وهذا نجاح جديد لبشار الأسد.

وقال ’’نيكولاس هيراس‘‘ المحلل بمركز الأمن الأمريكي الجديد، ’’قرار سحب القوات الأمريكية بعث إشارة إلى الدول العربية بأنها يمكن أن تتناقش مع الأسد بشروطها‘‘.، وبغض النظر عن المشهد الدبلوماسي الإقليمي، يبدو أن بشار الأسد يستفيد اليوم من العودة إلى صالحه.

وفي كانون الأول فتحت دولة الإمارات العربية المتحدة سفارتها في دمشق، وأعادت البحرين العمل في السفارة البحرينية بدمشق، والرئيس السوداني عمر البشير كان أول رئيس عربي يقوم بزيارة دمشق منذ عام 2011. الإمارات العربية المتحدة والبحرين هما حليفتان مقربتان من المملكة العربية السعودية، التي كانت واحدة من منتقدي بشار الأسد الرئيسيين ودعمت المعارضة لسنوات.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل