الثورة تمرض لكنها لا تموت

أحمد الرحال26 ديسمبر 2018آخر تحديث :
أحمد الرحال


يبدو أن نظام الأسد وروسيا وإيران وجميع من تحالف معه، رغم محاولاتهم إسكات الشعب السوري وإيقاف ثورته طوال تلك السنوات الماضية التي تكللت بشتى أنواع المجازر وإبجرام لم يسبق له مثيل في التاريخ، لم تفلح، فلا أحد يستطيع أن يسكت صاحب الحق عن حقه وإن طال الزمن ومضى ومرّت عليه سنين وعقود!.

باتت الصورة واضحة اليوم لكل من يحاول أن يقف إلى جانب الأسد ويطبّع العلاقات معه من جديد، بعد سيطرته على المناطق المحررة التي كانت خارج نفوذه وتخضع لسيطرة الفصائل الثورية. إن هذا الشعب لن يقبل بحكم الأسد مهما حصل ومهما كان الثمن، فكيف لمثل هذا الشعب أن يقبل بحكم مجرم سفاح سفك دمه ومازال منذ أكثر من سبعة أعوام حتى يومنا هذا!

ظن الأسد وحلفاؤه، روسيا وإيران، أنه بعد السيطرة على تلك المناطق من خلال اتفاقيات التسوية وتهجير أهالي المناطق قسرياً إلى الشمال السوري ليجمعهم في بقعة صغيرة من الأراضي السورية تضم كافة المعارضين للنظام، ستعود سوريا إلى ما كانت عليه قبل انطلاق الثورة السورية في آذار 2011، إلا أن حساباتهم لم تكن في مكانها، فكما ذكرت سابقاً فالثورة لا ترتبط بمكان أو بمنطقة، وإنما ترتبط بالشعب الحر الرافض لكل أنواع الظلم والعبودية وديكتاتورية الطغاة.

الصور التي انتشرت مؤخراً ومازالت تأتي بكثرة من المحافظات التي سيطر عليها الأسد وهجّر أهلها إلى الشمال السوري وبقي فيها من خضع لاتفاق ’’التسوية‘‘، وما تزال تطالب بإسقاطه، من درعا إلى السويداء إلى ريف حمص الشمالي، تؤكد بأن الثورة لم تموت ولن تموت، إنما كانت جمراً يغطيه الرماد، ليطلق اللهيب مجدداً.

شعارات ’’يسقط بشار، الثورة مستمرة، الموت ولا المذلة، يسقط حزب البعث، عاشت الثورة حرة أبية، حرية وبس‘‘، والتي كتبها ناشطون من درعا بعد أن تمكنوا من الوصول إلى مفرزة المخابرات الجوية التابعة لنظام الأسد في مدينة الحراك، تعيد لذاكرتنا تلك اللحظات التي صدحت بها حناجر المتظاهرين في الشوارع والساحات العامة في الأيام الأولى لإنطلاق الثورة وحراكها السلمي الذي طالب بالحرية والكرامة والمساوة والعدالة الاجتماعية.

تلك الشعارات التي تعبر عن تزايد حالة الاحتقان الشعبي ضد نظام الأسد، بدأت تؤرقه وتخيفه، في حين أنها جاءت على خلفية استمرار تجاوزات قواته في اعتقال عناصر من المعارضة ، من الذين سوّيت أو لم تسوّ أوضاعهم، فلا أحد من المدنيين راضٍ عن تصرفاته، أو بالأحرى لا أحد راضٍ عن سيطرته على المحافظة بعد حجم الدماء الذي قدم في سبيل الثورة السورية وتحرير المناطق.

إلا أن النظام عمل على إزالة جميع الكتابات المناهضة له، والشعارات المؤيدة للثورة، وكتابة شعارات تمجّد نظام الأسد ورأسه بدلاً عنها، في حين سارع إلى اعتقال عدد من أبناء درعا للاشتباه بهم في كتابة تلك العبارات المناوئة له، كما بدأت قواته بتسيير دوريات تحسباً لعودة ظهور الشعارات من جديد والقبض على الفاعلين، ومع ذلك لم تتوقف الشعارات عن الظهور في مناطق عدة، ولن تتوقف بعد اليوم.

يمكن القول إن نظام الأسد مهما حاول ومهما تلقى من المساعدات من حلفائه لإفشال الثورة السورية وإيقافها وقتل الشعب السوري الرافض لحكمه واعتقاله وزجه في سجونه ومسالخه البشرية أو حتى تهجيره، فإنه لن يتمكن من ذلك، وهو مخطئ حين ظن أنه بسيطرته على المناطق المحررة التي كانت خارجة عن قبضته سيعيد سوريا إلى سابق عهدها، فالثورة تمرض لكنها لا تموت.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل