حلفايا.. حين يختلط الخبز بالدم

وليد أبو همام23 ديسمبر 2018آخر تحديث :
وليد أبو همام

وليد أبو همام

قبل ست سنوات من هذا اليوم كانت المعارك مع عصابات النظام في أوجها، وكانت الأراضي المحررة تتسع يوماً بعد يوم، وكان حقد النظام و أزلامه يزداد أكثر فأكثر، ومع غياب أي رادع ديني أو دنيوي، وضع النظام كل طاقته تحت تصرف غريزته الشيطانية في سبيل إنهاء حياة أناس لا حول لهم ولا قوة. في يوم 2012/12/16 كانت مدينة حلفايا على موعد مع الحرية بعد معركة خاضها الثوار ضد قوات الأسد و شبيحته، فانضمت حلفايا إلى قائمة المدن المحررة و قائمة الأسد السوداء.

لم ينتظر النظام كثيراً حتى بدأ بإخراج حقده على المدينة و ساكنيها ممن عاد إليها بعد التحرير أو من بقي فيها تحت القصف الشديد. حوالي 300 عائلة اختاروا البقاء مجبرين لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف النزوح .

وبعد حوالى أسبوع من المعركة، و عصر يوم 2012/12/23، كان الناس ينتظرون بفارغ الصبر للحصول على رغيف الخبز الذي حرموا منه عدة أيام بسبب القصف على المدينة.

تجمع عدد كبير من الأهالي عند المخبز في طابور طويل و خوفهم مرسوم على وجوههم، لكن الرغبة في الحياة كانت أقوى من حالة الرعب التي تسود المدينة.

لم يدم خوفهم من غدر النظام طويلاً حتى تحول إلى حقيقة مع سماع أصوات التحذير من قدوم طائرة حربية، فتفرق الناس بسرعة، ثم بدأ صوت الطائرة يعلو حتى خيمت فوق المدينة، لكنها أكملت طريقها و غابت قليلاً ليظن الناس أنها ابتعدت. عادو الجميع إلى الاصطفاف على كوة المخبز، و ما إن بدأ استلام الخبز حتى عاد ذلك الطيار الحاقد ليقتل أكبر عدد ممكن، فأطلق عدة صواريخ باتجاه المخبز، وأصاب أحدها كوة توزيع الخبز بشكل مباشر، فتناثرت الأشلاء و اختلط الخبز بالدماء.

65 شهيداً و أكثر من 100 جريح و كثيرون فقدوا أطرافهم. كان المشهد يفوق احتمال العقل، و لا يمكن التعرف إلى الضحايا أو من بقي منهم. لم يكن في بال هؤلاء الضحايا أن يصل الإجرام إلى هذه الدرجة، أن يختار القاتل لحظة حصول ضحيته على لقمة عيشها ليشبع غريزته في القتل. ولكن ذلك ليس غريباً على هذه الفئة من الناس التي اعتادت ارتكاب المجازر الوحشية و تسجيلها كأوسمة على صدور منفذيها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل