زيارة البشير للأسد.. أيّ رسائل سياسية؟

فريق التحرير18 ديسمبر 2018آخر تحديث :
أ ف ب

محمد العبد الله – حرية برس

أثارت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الأحد الماضي الى سوريا واجتماعه مع رأس النظام السوري بشار الأسد، ردود أفعال متفاوتة وتساؤلات حول الغرض من تلك الزيارة وما الرسائل التي تحملها، وخاصةً أنها تعتبر أول زيارة لرئيس عربي الى سوريا منذ بدء الثورة السورية في العام 2011.

وكانت السودان من الدول التي شاركت في مقاطعة النظام السوري منذ بداية الثورة، وهدد البشير الأسد سابقاً بإرسال جيش جرار يمتد من الخرطوم إلى دمشق، وصرح أيضاً أن الأسد لن يرحل بل سيقتل.

لذلك فإن المستجد في الأمر ليس فقط موضوع الزيارة، وإنما تصريحات البشير الواضحة الداعية للوقوف إلى جانب سوريا وأهمية عودتها إلى ممارسة دورها القيادي والمحوري الهام في المنطقة، ما يثير التساؤلات حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تلك الزيارة.

وفي هذا الإطار قال مدير مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الانسان ميسرة بكور لحرية برس: إن “لقاء البشير بالأسد يحمل العديد من الرسائل، فالبشير جاء مبعوثاً من الخليج للتمهيد لإعادة التطبيع مع الأسد، خاصةً في ظل وجود حديث عن فتح خطوط طيران بين دول الخارج مع سوريا، إضافةً إلى أن احدى الدول الخليجية تخطط لإعادة علاقاتها مع الأسد، بالتزامن مع استعداد بعض الدول بما فيها دول الخليج لإعادة فتح سفاراتها في سوريا”.

وأضاف بكور أن “الزيارة تهدف أيضاً للتأكيد على ضرورة إعادة عضوية نظام الأسد إلى الجامعة العربية من جديد، وخاصةً أن رئيس النواب اللبناني نبيه بري شدد قبل أيام على عدم عقد قمة للجامعة العربية في بيروت قبل إعادة النظام السوري من جديد إلى مقعد الجامعة العربية، لذلك ليس من المستبعد أن تعود سوريا لحضور القمة العربية مجدداً التي قد تُعقد في آذار القادم”.

بدوره قال الباحث في العلاقات الدولية جلال سلمي: إن “الزيارة هي رسالة عربية واقليمية بأن الوضع بات مناسباً لعودة الأسد الى الجامعة العربية، وهذا وضع طبيعي بعد أن استعاد النظام معظم المناطق السورية ودأب على إعادة العمل لتوطيد علاقاته من جديد مع الدول العربية، وخاصةً الأردن بعد فتح الطرق الدولية معها، وبالتالي مع دول الخليج أيضاً، ما يعني أن هناك رغبة عربية خاصةً من الإمارات والسعودية لإعادة علاقاتها مع الأسد كما كانت قبل بدء الثورة”.

وأوضح سلمي لحرية برس، أن “الزيارة قد تشجّع الدول الأخرى كلبنان والجزائر والعراق ومصر لزيارة الأسد في سوريا، فهي لن تعترف بتجميد عضوية الأسد في جامعة الدول العربية، وربما تبادر حتى دول الخليج لاحقاً الى إعادة العلاقات مع الأسد وعدم جعله يميل الى التعاون بشكل أكبر مع ايران من مختلف النواحي خاصةً العسكرية والاقتصادية”.

كذلك قال المحلل السياسي نورس العرفي لحرية برس: إن “زيارة البشير تأتي في سياق خطة دولية لإعادة إنتاج الأسد مرة أخرى، وستفتح الباب لبعض رؤساء الدول الخليجية لإعادة شرعنة النظام واسترضاء (إسرائيل) التي تريد الحفاظ على حدودها هادئة، وبنفس الوقت إرضاء حتى باقي الدول الغربية التي لا تجد أفضل من هذا النظام الذي أعاد سوريا إلى الخلف عشرات السنين”.

.

.

.

بدوره قال عضو الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية مقداد سوادي لحرية برس: إنه “ليس من دلالة على الزيارة، الا أن عمر البشير أصبح وسيطاً بين الأسد والسعودية، لكن ليس وارداً أن يزور سوريا لاحقاً، أي زعيم عربي آخر، باستثناء من يدور في فلك ايران”.

مصالح مباشرة وغير مباشرة

لكن هل هناك أي مصالح مشتركة بين السودان وسوريا دفعت الرئيس السوداني للقيام بتلك الزيارة؟ في هذا السياق قال جلال سلمي: إن “السودان وسوريا لا يعترفان علناً بإسرائيل، لذلك هما بحاجة كبيرة للتقارب، وهناك مصالح للتعاون العسكري بينهما كما كانت قبل بدء الثورة”.

وأضاف سلمي أن “هناك مصلحة للسودان أيضاً غير مباشرة تقف وراء تلك الزيارة، وهي التقرّب من روسيا التي يمكن أن تمدها بالقمح، كما أن روسيا تقرّبت إلى مصر وليبيا في الفترة الماضية، ويبدو أن السودان تسعى للتقرب من النظام السوري ومن ثم بناء علاقة قوية مع روسيا”.

وتابع سلمي قائلاً: إن “السودان على علاقة قوية مع إيران منذ عقود، وحتى بعد انضمام السودان إلى عاصفة الحزم الخليجية ضد الحوثيين، بقيت الخرطوم على علاقة جيدة مع إيران، لذلك يسعى البشير إلى تدعيم العلاقة مع طهران من بوابة الأسد”.

بينما قال نورس العرفي: إنه “ليس هناك أي مصالح مشتركة بين السودان وسوريا، وانما هناك مصالح بين مصر والسودان، لكن موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الأسد أثّر على البشير، وربما كان للرئيس المصري دور في دفع رئيس السودان للقاء رأس النظام السوري”.

كذلك أوضح ميسرة بكور أنه “ليس هناك أي مصالح مشتركة مباشرة بين سوريا والسودان في ظل وضع البلدين الاقتصادي السيء، لكن الشيء المشترك بينهما، أن كلاهما مجرما حرب ومطلوبان من المحاكم الدولية ومعزولان دولياً، لذلك يريدان التسويق أنهما يسيطران على الوضع في بلادهما ويقومان بنشاطات سياسية وتبادل علاقات”.

“زيارة سرية” فما السبب؟

زيارة الرئيس السوداني إلى سوريا لم يعلن عنها الطرفان من قبل ولم تستغرق سوى بضع ساعات، ولم يتم تسريب أي معلومة لوسائل الاعلام، إلا بعد عودة البشير إلى الخرطوم، كما كان لافتاً حضور علي مملوك بيت سر الأسد بشكل علني في استقبال البشير، خاصةً أن اسم مملوك ارتبط بزيارات خاصة وسرية كموفد للتفاوض مع دول عربية عدة.

ووصل حسن البشير إلى مطار دمشق على متن طائرة ركاب روسية من طراز tu-154، وليس على متن الطائرة الرئاسية السودانية، كدليل على وساطة من موسكو لحصول هذه الزيارة، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام غربية.

ويرى المحلل نورس العرفي أن “الزيارة كانت مفاجئة وتم الإعلان عنها لاحقاً، لتكون ردات الفعل الدولية والعربية واضحة وجلية للجميع، في حين أن الإفصاح مسبقاً عن الزيارة سيجعل ردات الفعل على الإعلان فقط قبل حصول الزيارة ومعرفة نتائجها، وبالتالي لن تكون مواقف تلك الدول واضحة من الزيارة”.

في حين قال ميسرة بكور: إن “عدم الاعلان مسبقاً عن الزيارة كان في ظل وجود ترتيبات أمنية، ولاسيما في ظل وضع الأسد الداخلي وحدوث اعتقالات لضباط مقربين من النظام، اضافةً الى أن البشير مطلوب دولياً، ولا ننسى أن الأسد معتاد على السرية في الزيارات، خاصةً زياراته التي حصلت الى روسيا”.

يذكر أنه تم تعليق أنشطة سوريا في جامعة الدول العربية منذ تشرين الثاني 2011، رداً على قمع النظام السوري للمظاهرات السلمية ضده، كما أغلقت غالبية الدول العربية والغربية سفاراتها وقنصلياتها في سوريا منذ ذلك الحين.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل