دستور جديد.. فخّ أم طوق نجاة لبشار؟

فراس علاوي17 ديسمبر 2018آخر تحديث :
دستور جديد.. فخّ أم طوق نجاة لبشار؟

حاول ديمستورا خلال سنوات عمله على الملف السوري إيجاد طريق ما ينفذ إليه لتحقيق بعض التقدم في الوضع المستعصي، فما بين خلافات موسكو وواشنطن ومراوغة دمشق وطهران وتقلبات أنقرة ودول الخليج، تراوحت فرصة الحل من مقررات جنيف 1 و2 إلى السلال الأربعة، لتنتهي بلجنة دستورية تبنتها لقاءات سوتشي ويبدأ ديمستورا محاولاته الماراثونية لتشكيلها، حيث تم تقسيم اللجنة إلى ثلاثة أثلاث ثلث للمعارضة وتبنت تركيا الإشراف عليه وترشيح ممثليه وثلث للنظام تبنت روسيا الإشراف عليه، الخلاف كان مستحكماً حول الثلث الأخير، وهم المستقلون من منظمات المجتمع المدني والتي حاول الروس السيطرة عليه من أجل زيادة حصة ممثلي النظام وسط تعنت من الأمم المتحدة وتركيا ، كل هذا جرى تحت نظر الأمريكان وسمعهم وبصرهم وما جرى في لقاء آستانة الأخير والذي لم يفض لنتيجة خير دليل على ذلك.

إلى أن جاء تصريح جيمس جيفري المفاجئ والذي أعلن فيه صراحة بأنه إذا لم تتشكل اللجنة الدستورية خلال موعد محدد سوف يعلن انتهاء مساري آستانة وسوتشي، ورغم تصريحات لافروف عقب اجتماعات أستانة بأنه لا يزال هناك متسع من الوقت وبالرغم من السعي الحثيث لديمستورا لإنهاء مهمته بإنجاز ما، إلا أن تهديد جيفري هو من جعل المستحيل ممكناً وخلال أسبوع انتهى الاستعصاء الذي استمر أشهراً وتوالت التصريحات بقرب إعلان اللجنة الدستورية..

التغيير أو التعديل الدستوري رغم الخلاف الكبير حوله والشد والجذب يتمحور في حقيقة الأمر حول النقطة ذاتها وهي مصير بشار الأسد. ومن هنا نستطيع القول أن المادة الأهم هي المادة الخاصة بشروط وكيفية الترشح للرئاسة في سوريا ومدة حكم الرئيس فيما لو تم تطبيق الدستور برعاية أممية، وبالتالي هل يحق لبشار الأسد الترشح أم ستكون هناك موانع لترشحه؟ وهل ستكون المادة المتعلقة بترشح الرئيس ذات أثر رجعي وبالتالي يكون بشار الأسد قد أنهى ولايتيه ولم يعد له الحق بالترشح أم أنها ستكون بداية جديدة؟

من هنا فإن التخوف من ترشح بشار الأسد وارد في ظل الظروف المحيطة بالملف السوري حتى لو كان ذلك تحت إشراف الأمم المتحدة فهناك عدة أسباب تجعل من احتمال عودة بشار الأسد من خلال انتخابات ناقصة للحكم أمراً محتملاً، وهو ما جعل تصريح شاووش أوغلو صادماً حيث يستشف من التصريح القبول بترشح بشار الأسد والمراهنة على عدم فوزه وأنه في حال فاز فقد يتعامل الأتراك معه.

فما هي نقاط التخوف من ترشح بشار الأسد في انتخابات مقبلة؟

1- رقابة الأمم المتحدة ليست نزيهة 100% لأنها تعتمد على أفراد وهؤلاء يحملون أفكار وانتماءات مختلفة وينتمون لدول مختلفة وبالتالي سيكون دورهم شبيه بدور المراقبين العرب ومبعوثي الأمم المتحدة مما يجعل هناك صعوبة في ضمان نزاهتها خاصة في مناطق سيطرة النظام.

2- القبضة الأمنية وما اعتاد عليه السوريون داخل سوريا سيجعل من انتخاب بشار الأسد الطريق الأسلم لهم حسب رؤية هؤلاء ويوجد عدد كبير منهم خارج سوريا لكنه لا يزال يسكنه خوف الأجهزة الأمنية وظهر ذلك جلياً في عدم حديثهم وخروجهم العلني ضد نظام الأسد رغم وجودهم خارج سوريا كما أنه توجد نسبة جيدة من مؤيدي نظام الأسد في دول اللجوء سواء ممن خرج قبل سنوات طويلة أو ممن خرج حديثاً وهؤلاء يشكلون نسبة لا بأس بها ويتوزعون في تلك الدول.

3- لا تزال سفارات نظام الأسد مصدر رعب للسوريين خاصة مناهضي نظام الأسد والتي ستكون مراكز انتخابية كذلك توزع اللاجئين السوريين وبعدهم عن مراكز المدن وصعوبة تنقلهم وعدم اهتمام الكثير منهم وعدم رؤية جدوى من ذلك عند البعض كل هذه الأمور قد تؤثر في إقبال مناهضي الأسد.

4- الأعداد الكبيرة التي قام نظام الأسد بمنحها الجنسية السورية وهم من الأفغان والإيرانيين والعراقيين واللبنانيين ستساهم بشكل أو بآخر بزيادة أعداد مؤيدي الأسد وبالمقابل هناك آلاف السوريين فقدوا أوراقهم الثبوتية فكيف ستتم عملية الانتخاب في ظل ضياع كثير من الإثباتات سواء بحرقها من قبل النظام أو من خلال ضياعها خلال النزوح واللجوء.

5- الخطر الأكبر يأتي من انقسام المعارضة ذاتها فهي لم تجتمع حتى اللحظة على هدف معين وواضح رغم وضوح أهداف الثورة وانقسمت إلى منصات ومجالس فكيف لها أن تجتمع على شخص واحد وبالتالي ستفقد جماهير المعارضة زخمها حيث تتوزع أصواتها على عدد من المرشحين مما يعني أن فرصة بشار الأسد ومن خلفه مؤيديه ونسبة كبيرة من الأقليات ستكون أكبر بالانتقال للمرحلة الثانية من الانتخابات، الإخوان وهم الأكثر مالاً وتنظيماً ستكون فرصتهم أكبر لتقديم مرشح قد ينتقل مع بشار الأسد لمرحلة تالية لكن هذا سيضع السوريين أمام خيارين إما الإخوان وكثير من السوريين بما فيهم جمهور الثورة لايثق فيهم وبين بشار الأسد المرفوض أصلاً مما سيجعلهم ممتنعين عن التصويت والمشاركة وهو ما سيدعم موقف بشار الأسد أيضاً.

بالإضافة لأسباب أخرى دعائية ومقايضة النظام العودة والأمان والعفو بإعادة انتخابه فالنظام ومن خلفه الروس والإيرانيين يتقنون هذا النوع من الخداع.

ويبقى التعويل في عدم الوصول إلى هذه النتيجة على الموقف الأميركي فهل سيكون الدستور الجديد طوق نجاة لبشار الأسد أم أنه سيرسم ملامح خروجه من سوريا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل