ياسر محمد – حرية برس
أورد “حرية برس” في تقرير سابق -نقلاً عن مصادر سياسية وصحفية- أن هناك احتمالين لمعركة شرق الفرات المزمعة، بعد تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي أخذت صفة الجدية أكثر من أي وقت مضى، ويقوم الاحتمال الأول على تفاهمات أميركية تركية يحصل منها الطرفان على مكاسب محددة، بينما يقوم الثاني، والذي يأتي بعد فشل الاحتمال الأول، على تفاهمات روسية تركية مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح إيران أيضاً.
ويبدو أن الاحتمال الأول (التفاهمات الأميركية التركية) ما زال يتفاعل وتتوضح معالمه بسرعة، إذ أكدت تركيا أنها لا تستهدف القوة أو الوجود الأميركي شرق الفرات، وإنما ترمي لحماية أمنها القومي وتحييد مليشيا قوة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي تضم عدداً من قيادات حزب العمال الكردستاني “بي كي كي” الإرهابي في صفوفه، كما ألمح الرئيس التركي إلى إمكانية تسليم رجل الدين “فتح الله غولن” المطلوب في تركيا والمتهم بتدبير انقلاب 2016، ترافق ذلك كله مع ضغوط أميركية أوروبية على تركيا لوقف خططها بمهاجمة “قسد” شرقي الفرات.
وفي التفاصيل، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أمس الأحد، إن بلاده لا تعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر من خلال العملية التي تعتزم القيام بها شرقي نهر الفرات في سوريا، وإنما هدفها هو تنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” الإرهابي. وأضاف أن هناك قنوات تواصل بين الجيشين التركي والأمريكي للحيلولة دون وقوع حوادث غير مرغوب فيها وهناك تعاون أيضاً.
وفي ملف شائك جداً بين البلدين، قال أوغلو إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان بأن واشنطن تعمل على تسليم أنقرة “زعيم حركة الخدمة فتح الله غولن” المقيم في الولايات المتحدة، والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة صيف العام 2016. .
وأضاف أوغلو “في المرة الأخيرة التي التقينا فيها بالعاصمة بوينس أيرس، قال الرئيس ترامب لأردوغان إنهم يعملون على ذلك.. لكننا بحاجة إلى رؤية خطوات ملموسة”.
وتابع “رأيت في الآونة الأخيرة تحقيقا موثوقا لمكتب التحقيقات الاتحادي عن التهرب الضريبي لمنظمة غولن”، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة فتحت ملف “غولن” وربما تنسق توجيه تهم له تسمح بتسليمه إلى تركيا.
وفي إجراء أميركي آخر لاحتواء الغضب التركي، قالت مصادر كردية سورية إن الولايات المتحدة الأميركية تخطط لنشر مقاتلي “بيشمركة روجافا” في مناطق شرق الفرات بدلاً من مقاتلي “وحدات حماية الشعب” الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي.
ونقل موقع تلفزيون سوريا عن مصدر إعلامي في إقليم شمال العراق قوله بأن واشنطن اختارت حلاً وسطاً بين تركيا التي تهدد بعملية عسكرية في شرق الفرات، و”وحدات حماية الشعب” التي تهدد بالانسحاب من معركة دير الزور ضد تنظيم “الدولة” والتفرغ لمواجهة العملية العسكرية التركية فيما لو حصلت.
وأكد الموقع بأن الولايات المتحدة ستلجأ لقوات “بيشمركة روجافا” لتتولى بالتعاون مع القوات الأمريكية حماية ومراقبة المناطق الحدودية الجنوبية مع تركيا، كما كشف المصدر عن احتمال انتشار آلاف المقاتلين من “بيشمركة روجافا” المتواجدين حالياً في إقليم شمال العراق على الحدود الفاصلة بين تركيا وشرق الفرات بدعم وموافقة أميركية.
و”البيشمركة السورية” فصيل يتبع للمجلس الوطني الكردي الممثل بدوره في الائتلاف السوري المعارض، وتشكل عام 2012، وأشرفت قوات البيشمركة في إقليم شمالي العراق فضلاً عن قوات التحالف على تدريبهم، وشاركوا في المعارك ضد تنظيم “الدولة” بإقليم شمال العراق.
وتأتي الجهود الأميركية بعد إصرار تركيا على عملية شرق الفرات، وفشل واشنطن في تحييد فصائل “الجيش الحر” عن المعركة، فقد أعلنت “الجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني وفصائل في الجيش الحر” دعمها العملية التركية، وقال القائد العام لحركة “تحرير الوطن” العقيد فاتح حسون: “إن المعركة شرق الفرات بالنسبة لنا كجيش حر ضرورية وتندرج ضمن تحقيق أهداف الثورة السورية والعمل على إسقاط النظام وأذرعه من قوى متطرفة وإرهابية عمل على تنميتها واستثمارها لتقويض الثورة الشعبية”.
وحول الرسالة الأميركية للجيش الحر والتي فُسرت على أنها تهديد مباشر، قال العقيد حسون في تصريحات صحفية:”الرسالة الأميركية لا تندرج تحت إطار التهديد، فهي تحث الجيش الحر على عدم المشاركة في أي معركة شرق الفرات، وتغليب لغة الحوار على لغة المعركة، وبالتالي يمكن اعتبارها توضيحاً لوجهة نظر الولايات المتحدة برفض المعركة”.
فيما أكد القيادي في المعارضة أيمن العاسمي، في حديث لـ”الأناضول”، أمس الأحد، أنهم تلقوا رسائل تحذير من واشنطن، بعدم المشاركة، قائلاً: “تلقينا اتصالات هاتفية من الخارجية الأميركية بعدم المشاركة في أي عملية عسكرية تركية، شرق نهر الفرات”، لكنه كان كثر حزماً ووضوحاً، وأعلن “أننا عازمون على دعم تركيا في تحركها رغماً عن أميركا”.
Sorry Comments are closed