أحمد زكريا – حرية برس
يشتكي سكان مدينة “الرقة” شرقي سوريا، من انتشار ظاهرة “المخدرات” بمختلف أنواعها بين الشباب بشكل ملحوظ، الأمر الذي بات يشكل حالة قلق لكثيرين وسط مطالبات بضرورة وضع حد لتلك الظاهرة، كما يشتكي السكان أيضاً من حالة الفلتان الأمني وانتشار عمليات الاغتيالات والسرقة والسلب والنهب.
ومما بات يثير المخاوف بشكل ملحوظ هو انتشار تلك الظاهرة بين طلاب المدارس، وفي أماكن التجمعات والحدائق العامة دون حسيب أو رقيب، بل على العكس أصبح يتم الترويج لتلك المواد المخدرة وبيعها أمام مرأى ومسمع الجميع، ما ينذر بكارثة اجتماعية تهدد مستقبل جيل بأكمله داخل تلك المدينة التي تخضع لسيطرة ميلشيا “قوات سوريا الديمقراطية”.
70% نسبة التعاطي بين عناصر “قسد”
الناشط الإنساني” أبو نايف” قال لحرية برس إن انتشار المخدرات والحشيش بدأت بشكل كبير وملحوظ منذ بداية دخول “قسد” إلى مدينة الرقة وريفها، وقد بدأت هذه الظاهرة بين عناصر قوات “قسد” وبعدها انتقلت إلى المدنيين بسبب تعايشهم معهم، في حين أنها تنتشر بين الشباب والأطفال المراهقين من أعمار 14 إلى 40 عامًا، ومن أهم أنواع الحبوب المتداولة “كبتاغون -ترامادول بأنواعه -سُدفيد -بالتان – لكزز – نيدول – بركابالين”، والحشيش بأنواعه.
وأكد “أبو نايف” أن تلك المعلومات حول أنواع الحبوب نقلها عن أحد التجار في المدينة والذي وافاه بلمحة عنها وعن أسعارها، حيث تباع الحبة الواحدة من “الكبتاغون واللكزز” بسعر 500 ليرة سورية، وباقي الحبوب تباع في الصيدليات بسعر يبدأ من 300 ليرة وحتى 1000 ليرة سورية وسط غياب أي جهة رقابية، في حين يباع الظرف الواحد من تلك الأنواع من الحبوب في السوق السوداء عند تجار الحبوب بسعر يتراوح ما بين 3500 إلى 4000 ليرة سورية.
وبيّن “أبو نايف” أن الجهة التي تقف وراء هذا الموضوع هي مليشيا “قسد”، كون أغلب التجار عن طريقهم وهم يقومون بزراعة الحشيش وبيعه عن طريق مدنيين، مشيراً إلى أن نسبة تعاطي المخدرات بين عناصر قسد تبلغ 70%.
مخدرات في الأسواق والأماكن العامة
وذكرت مصادر محلية، أن المسؤول الرئيس عن انتشار تلك الظاهرة الخطيرة هي ميليشيا “قسد” كون هؤلاء المروجين وتجار المخدرات يتبعون لها ويحتمون بها ويأتمرون بأوامرها.
“محمد الخضر” مدير منظمة “صوت وصورة” قال لحرية برس: إن موضوع انتشار المخدرات بدأ بعد سيطرة ميليشيا “قسد” على الرقة، وبدأت تنتشر بشكل كبير في المدينة، وباتت تنتشر في التجمعات وفي الأسواق وخاصة في فترة الأعياد، وحتى في الحدائق العامة.
ولفت، إلى أن من يقف وراء الترويج هم أشخاص على علاقة بميليشيا “قسد”، ومن الممكن أنهم يحتمون بتلك الميليشيا، كونه يتم الترويج بكميات كبيرة ودون أي رادع، لذلك فإن ميلشيا “قسد” تتحمل جزءً كبيراً من المسؤولية، مؤكداً أن الترويج يتم على العلن وهناك أشخاص معروفون بالاسم على أنهم تجار مخدرات داخل المدينة.
وبين “الخضر” أن كل ما يتم ترويجه من حبوب مخدرة يندرج تحت اسم “الكبتاغون” ما يدل على أن التركيب يتم ضمن مخابر محلية وهذا الشيء خطير ما يجعل تلك الحبوب تحوي على مادة سُّمية كبيرة.
وفيما يتعلق بأسعار المواد المخدرة قال: إن الأسعار تختلف وقد يصل سعر الحبة الواحدة إلى 500 ليرة سورية ومن الممكن أن يصل سعرها إلى 5000 ليرة، وقد تجد أن سعر “1 غرام” من مادة ” الهيروين” يصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية، كما أنه يتم التلاعب بتلك المادة وبيعها على أنها “بودرة هيروين”.
مخدرات بطعم إيراني
وأرجع كثيرون انتشار ظاهرة المخدرات وترويجها بشكل علني إلى حالة الفلتان الأمني، إضافة لأن ذلك الأمر بات يشكل باب ربحٍ لعناصر ميليشيا “قسد” تجني من خلالها الأموال بعد أن يتم استغلال فئة الشباب وإجبارهم على الإدمان على المخدرات.
“أبو مايا” من شبكة “إعلاميون بلا حدود الرقة” قال: بعد دخول “قسد” محافظة الرقة والسيطرة عليها بدأ انتشار ظاهر المخدرات، واستغل ضعاف النفوس حالة الفلتان الأمني وأصبح توزيع المخدرات عمل وتجارة لجني الأرباح.
وأضاف في حديثه لحرية برس: كلنا يعلم أن قسد مسيطرة على مدينة الرقة وريفها، وأي شيء يجب أن يكون من خلالها، خاصةً وأن هناك حواجز كثير داخل وخارج الرقة تتبع لميليشيا قسد، لذلك فهي تتحمل المسؤولية في هذا الأمر.
ولفت” أبو مايا” الانتباه، إلى أن تجارة المخدرات كانت في البداية مقتصرة على قياديين كبار من “قسد” وكانوا ينقلونها بواسطة سيارات ما يسمى الأمن العام أو سيارات النجدة كونها لا تتعرض إلى تفتيش.
وتابع: كان المدعو “لقمان ساحة” وهو الرئيس العسكري الفعلي في مدينة الرقة، هو من يساعد على إدخالها عن طريق مجموعات تابعة له، وكان المدعو “أبو جاسم الرقاوي” الذي سرق وعفّش بيوت الرقة هو اليد اليمنى للقمان ساحة، ونذكر عندما أرادوا تقديمه للمحاكمة لعدة اثباتات عليه من سرقة وتجارة مخدرات، هدد الجميع وقال “لن أسجن أنا فقط”، ما يشير على أنه تهديد للقيادات التي يعمل لصالحها.
وفيما يخص أنواع المخدرات أوضح “أبو ماريا” أنه بالنسبة للأنواع فهي: “هيرويين، الكوكايين، الميثامفيتامين، الماريجوانا”، مشيراً إلى أن جميع تلك الأنواع تأتي من إيران إلى العراق إلى القامشلي ومنها إلى الرقة، كما أن هناك بضائع كثيرة مكتوب عليها باللغة الفارسية، وأضاف أنه قبل شهرين وزعت “قسد” بشكل مجاني في الشوارع “علب سجائر” من النوعية الإيرانية.
معلمات وطالبات مدمنات
وذكر المصدر ذاته، أنه في الفترة الأولى يكون توزيع المخدرات بشكل شبه مجاني، والهدف منه إجبار الشباب على الإدمان على الحبوب.
وتحدث “أبو ماريا” عن أساليب الاحتيال التي تلجأ إليها ميلشيا “قسد” لإبعاد الشبهة عنها فيما يتعلق بدعمها لمروجي المخدرات وقال: في البداية كانت عمليات الترويج تتم بالخفاء لكن مع مرور الوقت أصبحت شبه علنية، وحاولت “قسد” وضع لافتات تحذيرية حول مخاطر المخدرات، لكن كان ذلك كان إعلامياً فقط لإبعاد الشبهات عنهم بعد الضغط الإعلامي عليهم.
وضرب لنا “أبو ماريا” عدداَ من الأمثلة حول مخاطر انتشار تلك الظاهرة وقال: إن التوزيع يتم الآن بين الأطفال والمراهقين في المدارس، وحدثت العديد من المشاكل بسبب المخدرات وأصبح الهم الوحيد لغالبية الشباب هو كيفية الحصول على بعضٍ من تلك الحبوب المخدرة.
وكشف “أبو ماريا” تعرض 90 معلمة خضعن لدورات تعليم للإدمان على المخدرات، يضاف إلى أن هناك فتيات صغيرات أعمارهن لا تتعدى 15 عامًا أيضًا مدمنات على المخدرات بعد خضوعهن لمعسكرات مغلقة مدتها 45 يومًا، مبينًا أن “قسد” تدس الحبوب المخدرة في وجبات الطعام التي يتم تقديمها لهؤلاء الفتيات في تلك المعسكرات المغلقة.
الأحياء الفقيرة مرتع لتجار المخدرات
وبات انتشار “المخدرات والحشيش” أمراً اعتيادياً في داخل مدينة الرقة مثله مثل علب السجائر، بحسب ما تحدث به الناشط الإعلامي “أبو حمدي” لحرية برس، والذي تابع قائلًا: منذ عودتنا إلى الرقة لاحظنا انتشار المخدرات بين الشباب، حتى وبفترة نزوحنا عندما كنا نقطن في المخيمات كانت المخدرات متداولة، لافتاً إلى أن المخدرات والحشيش بكافة أنواعه أصبح أمراً عادياً مثل الدخان تقريبا.
وأضاف، أن تلك الظاهرة تنتشر في الأحياء الفقيرة والمهمشة والتي باتت تعتبر منبعاً للمخدرات مثل أحياء “الدرعية والرميلة، والمشلب، وشارع القطار، وحارة البدو”.
وذكر “أبو حمدي” أنه أصبح الآن في كل حي من أحياء المدينة تاجر، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل بات الشباب والفتيات يعملون في تجارة تلك المواد وقال “أعرف عددا من الفتيات يتاجرن بالحبوب المخدرة”، مرجعا السبب إلى انتشار البطالة وقلة فرص العمل ما دفع بالشباب والشابات للعمل في تجارة وترويج المخدرات.
عذراً التعليقات مغلقة