محمد العبد الله – حرية برس
لا يزال مستقبل قاعدة التنف الموجودة في البادية السورية غير واضح، في ظل إصرار أميركا على عدم الانسحاب منها، بينما تواصل موسكو الضغط على واشنطن للتخلي عن القاعدة أو التشارك معها في ادارتها، فهل تشهد القاعدة تحولاً خلال الفترة القادمة ولماذا تصر الولايات المتحدة على التواجد في تلك المنطقة؟
هذا وكشفت وكالة “سبوتنيك” الروسية قبل أيام عن عرض روسي لجعل قاعدة التنف التي يسيطر عليها التحالف الدولي في المثلث الحدودي السوري- الأردني- العراقي، تحت سيطرة مشتركة روسية- أمريكية، لكن “الشركاء الأمريكيين تركوا المقترحات الروسية دون إجابة”، وفق ما ذكر رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف.
شراكة روسية – أميركية أو انسحاب
وقال المحلل الاستراتيجي اللواء محمود العلي لحرية برس: إن “روسيا ترغب في خيارين، إما أن تتشارك مع أميركا في إدارة القاعدة أو تنسحب الأخيرة منها، لكن واشنطن لن تقبل من أجل أن تبقى مسيطرة على جنوب سوريا ووسطها، وتضغط على إيران ونظام الأسد وروسيا”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة قد تقبل بالعرض الروسي، لكن بحالة واحدة، وهي تحصيل مكتسبات أهم من قاعدة التنف”.
في حين قال الخبير العسكري العقيد أديب العليوي لحرية برس: إن “روسيا تضغط على أميركا كي تنسحب من التنف بناءً على تنسيقها مع إيران التي من مصلحتها انهاء التواجد الأميركي في التنف، وبنفس الوقت فإن انسحاب القوات الأميركية من قاعدة التنف هو مبرر لروسيا لإخراج القوات الأميركية من كامل الأراضي السورية، مع العلم أن تلك القاعدة تشهد تواجد قوات بلجيكية وبريطانية وفرنسية ونرويجية الى جانب القوات الأميركية، ما يزيد الرغبة الروسية في ضرورة إخلاء تلك القاعدة”.
بدوره أفاد الباحث والصحفي يحيى الحاج نعسان لحرية برس، أن “موسكو تريد السيطرة على كل القرار السياسي في سوريا، وهي تعتقد أن أميركا تريد تقسيم سوريا وخاصةً في ظل تواجدها في وسط البادية والذي يمكّنها من التحكم بكافة الطرق، لذلك تضغط موسكو على واشنطن كي تخرج من قاعدة التنف، إضافةً الى أن النظام إن لم يسيطر على الحدود السورية العراقية والبادية حيث تتواجد القوات الأميركية وداعش لن يستعيد قوته، وبالتالي لن يحقق مصالح روسيا في المنطقة”.
وأضاف الحاج نعسان أن “الشراكة في إدارة قاعدة التنف بين روسيا وأميركا مستبعدة، لأن الأجواء متوترة حالياً بين الطرفين، ليس فقط في موضوع سوريا وإنما في قضايا خارجية سواءً حول أوكرانيا، أو العقوبات على ايران، أو التهديد الأميركي بالانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى وقصيرة المدى، إضافةً إلى اتفاقيات أخرى تهدد أميركا بالانسحاب منها، وبالتالي ربما ستشهد الفترات المقبلة توترات أكبر بين الطرفين ليس فقط في سوريا إنما في أكثر من ملف حول العالم”.
أهمية استراتيجية
لكن لماذا تتمسك أميركا بقاعدة التنف؟، في هذا الإطار يرى العقيد أديب العليوي، أن “أميركا تعتبر قاعدة التنف نقطة أساسية لقطع الطريق البري لإيران الواصل بين طهران وبغداد ودمشق، وهذه المنطقة شريان حيوي بري منذ السابق، وتم قطعه من قبل أميركا وإقامة قاعدة التنف بين معبري الوليد والتنف، وباتت منطقة عسكرية لا يمكن للنظام وايران الاقتراب منها بمسافة 55كم، وفي حال اقتربت سيتم قصفها من قبل القوات الأميركية المتواجدة في التنف”.
بدوره أوضح الباحث يحيى الحاج نعسان أن “تواجد قاعدة التنف على المثلث الحدودي ( سوريا- العراق- الأردن) يعطي أميركا التي تسيطر عليها قوة كبيرة للتحكم بالمجال الحيوي لتلك الدول، وقطع الطريق البري على إيران للوصول الى البحر المتوسط، ويمنع تفرّد روسيا بالعراق وسوريا والأردن، وهذا يعرقل المصالح الروسية في سوريا ويفقدها السيطرة الكاملة على سوريا ويجعل الدور الروسي غير مستقر في منطقة الشرق الأوسط”.
بينما قال اللواء محمود العلي: إن “الولايات المتحدة الأميركية تتمسك بقاعدة التنف نظراً لأهميتها الكبيرة، فمنطقة التنف موقع استراتيجي هام من الناحية العسكرية والسياسية ونقطة التقاء الحدود السورية والأردنية والعراقية، ويوجد فيها معبر التنف الذي يصل الحدود السورية بالعراقية”.
وأضاف العلي أن “قاعدة التنف هي الرابط الأساسي للطريق الحربي الذي يصل جنوب سوريا بوسطها بشمالها، وهو أقرب طريق من سوريا الى العراق، إضافةً إلى أن التواجد العسكري الأميركي في التنف يجعلهم في أقرب نقطة إسناد بري للتواصل مع حليفهم الاستراتيجي في المنطقة ألا وهو الأردن، كما يهدف التواجد الأميركي هناك إلى قطع خطوط الإمداد الإيراني من العراق عبر سوريا إلى لبنان”.
ما دور “مغاوير الثورة” في التنف؟
وتضم قاعدة التنف الى جانب القوات الأميركية والأوروبية فصيل “جيش مغاوير الثورة”، وقال رئيس المكتب الاعلامي الخارجي “لجيش مغاوير الثورة” أبو ماريا لحرية برس: إن “روسيا تضغط على كل الدول الداعمة للمعارضة السورية، والتحالف لم ولن ينسحب من التنف، كما أن أمريكا لن تشارك أحد بقيادة قاعدة التنف سوى جيش مغاوير الثورة، ونحن الشريك الوحيد للتحالف ولا يوجد أي فصيل آخر بالقاعدة سوانا”.
وتابع اًبو ماريا قائلاً: “هناك أعمال عسكرية سنعلن عنها بوقتها كون المفاوضات مع الأصدقاء لم تحسم بشكل نهائي حول العمليات القادمة الخاصة بجيش المغاوير”، مضيفاً “لدينا تنسيق مع التحالف الدولي على أعلى المستويات وهناك غرف عمليات مشتركة، وقاعدة التنف هي مركز انطلاق لنا بالمستقبل لمحاربة داعش وتحرير البادية وسوريا إن سمحت لنا الظروف”.
لكن اللواء محمود العلي أوضح أن “وجود فصيل مغاوير الثورة هو وجود رمزي في قاعدة التنف وأعدادهم بسيطة لا تتجاوز 50 عنصراً، والتواجد الأهم للتحالف”.
في حين قال العقيد أديب العليوي: إن “عناصر جيش مغاوير الثورة تم تدريبهم من قبل أميركا، وهم للأسف الشديد باتوا أداة بيد واشنطن كي تقاتل من خلالها داعش أو ميليشيات النظام وايران، أي بات جيش مغاوير الثورة يعمل لصالح أميركا وليس لصالح الثورة السورية”.
وكانت موسكو وحكومة الأسد دعتا مراراً واشنطن لسحب قواتها من قاعدة التنف والتي أعلنت عن منطقة نصف قطرها 55 كيلومتراً محظورة على الأطراف الأخرى باعتبارها “منطقة عدم اشتباك”.
وتقع التنف على طريق دمشق بغداد على الحدود مع العراق، وتشرف على معبر التنف ضمن الأراضي السورية، وعلى معبر الوليد من جهة العراق.
عذراً التعليقات مغلقة