في الذكرى الخامسة لرحيله.. حوار لا ينسى مع الشاعر أحمد فؤاد نجم

نجم: على الشاعر أن يكون فارساً أو ليبحث عن صنعة أخرى

فريق التحرير3 ديسمبر 2018آخر تحديث :
محمود السرساوي
الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم

قبل 5 سنوات، وفي مثل هذا اليوم، 3 كانون الأول/ ديسمبر، غادرنا أحمد فؤاد نجم، أحد أبرز شعراء مصر بالعامية، والثائر الذي سخر كلماته وأشعاره للدفاع عن قضايا أمتنا العربية، وقضايا التحرر في العالم، ليسجل اسمه نجماً لا يغيب في سماء الأدب والفن والشعر العربي.

“حرية برس” يستعيد في في الذكرى الخامسة لرحيل الشاعر أحمد فؤاد نجم حوارا قديماً جديداً لذاكرة لم يتوقف نزيفها  بعد، ذاكرة مرحلة أسست قوة المعنى في اختيار طرقنا، وقادت وعينا الشقي في بحثه وتأمله وعصيانه حتى الثمالة.

وهنا نص الحوار الذي سبق أن أجراه معه الشاعر الفلسطيني/السوري، محمود السرساوي:

بسيطاً كعشبة برية.. وحاداً كنصل خنجر، ولا شيئ يشبه حياته إلا شعره، الشعر الذي ظلت المواجهة علامته الفارقة.. وأحمد فؤاد نجم من الشعراء العرب القلائل الذين حفظ الشارع العربي كلماتهم عن ظهر قلب، ورفعها في مظاهراته واحتجاجاته كيافطات، ورددها كشعارات في رفض واضح لمآل أحلامه المجهضة.

وقد شكل نجم مع رفيق رحلته الشيخ إمام ظاهرة لافتة فيما سمي “بالغناء الملتزم” حتى غدت أعمالهما مصدر الهام سياسي وتعبوي لفصائل وحركات المقاومة والمعارضة في الوطن العربي، عموما، واليسارية منها خصوصا.

وأردت من –جهتي- أن ألتقي “أبا زينب” نسبة لابنته الثالثة، لأعرف عن قرب الرجل الذي أمال رؤوس أجيال كاملة بلغة بسيطة وصعبة في آن.

فثمانية عشر عاماً من السجن، وستون أخرى، وربما أكثر، من النضال والتمرد والمواجهة كافية لنا –كما أعتقد- لاحترام هذه التجربة ومحاورتها،

  • لنبدأ من مفارقات التسميات، فهناك من رأى فيك المشاكس والمعارض والبذيء، وهناك من وجدك الصوت الذي يخترق الأسوار، والشاعر البندقية، وسفير الفقراء..فأيهم أنت؟

** أنا الشاعر البندقية…:

  • أما زلت تؤمن بأن الشعر يمكنه تغيير الواقع؟

** نعم، فالشعر ديوان العرب، نحن لا نملك تجربة سينما الأمريكان، أو الرواية الأوروبية، لكننا ومنذ زمن بعيد نملك الشعر، ولدينا شاعر كبير كالمتنبي، فالشعر أساسي في مواجهتنا للواقع وتغييره.

  • لكن الشعر يغير رؤيتنا للواقع ولا يغير الواقع؟

** هذه بداية ومطلوب مني أن اقرع الأجراس وأصرخ : اصح يا نايم..علّي أن أوقظهم، ليرفضوا واقعهم

  • ارتباط شعرك هنا باليومي السياسي ألا يفقده الكثير من جمالياته؟

** أنا لا تعنيني الكماليات، ولا أبحث عن الجماليات في الشعر، ما يهمني كيف يؤثر في الناس، كيف يصلهم، وما الذي أبقاني سنوات في الاعتقال، ألا يشكل خطرا.

  • المتابع لسيرتك الحياتية يجدها قريبة الشبه بشعرك…؟

** -مقاطعا- وضعت يدك على الموضوع، شعري هو انعكاس لحياتي، أنا متيم بالشعر، وضد الذيول التي تلصق به، عمودي …قصيدة نثر.. فهناك شعر أو لا شعر، هذه هي القضية.

  • ما هو المعيار الذي يحدد هذه الشعرية برأيك؟

** وصوله للناس هو المهم، وتأثيره فيهم. .

  • أشعار رديئة كثيرة تصل للناس؟

** هذه أشعار ملفقة وليست حقيقية، وعلى الشاعر أن يكون “كعنترة” أي فارساً بكل أبعاد الكلمة، وإلا ليجد صنعة أخرى غيرالشعر.

  • ومن تجده أقرب إليك في الشعر المعاصر الفصيح؟

** صلاح عبد الصبور، محمود درويش، الجواهري فقط

  • ألا يعجبك أدونيس مثلاً؟

** هل هو شاعر؟؟ … أنا لا أفهم ما يقوله أدونيس ولمن يكتب..؟

  • وهل تفهم محمود درويش عندما يقول مثلاً “لم تلده أمه إلا دقائق في إناء الموز وانسحبت”؟

** ممكن أن تكون زلة، لكن يبقى هو شاعر الجرح الفلسطيني: “قبل مجففة على المنديل” …هذه القصيدة بارعة

  • أتجد الوضوح التام هو شرط الشعر، ولغة الشعر إيحاء بالدرجة الأولى؟

** الشعر له وظيفة ويجب أن يكون مفهوما، هناك من يبحث عن جماليات ولكن نحن يا أخي تعساء، نحتاج أن نرمى “بالطوب.”

  • لنعد إلى تجربتك، فقد كانت “أنا أتوب عن حبك أنا” العمل الأول مع الشيخ إمام، وقد غنت الحب بمنظور إنساني وتقدمي جدا، وخال من البلاغة السياسية المباشرة، ثم حدثت الانعطافة…لماذا؟

** تغير الواقع، ومع قسوته يتغير الشعر أيضا، لكن المنظور الانساني موجود في كل ما صنعناه.

  • عندما تتذكر الشيخ إمام ما الذي تستحضره وتستدعيه إلى ذاكرتك، وما الذي تستبعده تماماً؟

** إمام “بأبيضه وأسوده” هو رفيق رحلتي، وأوصل صوتي للناس، ومن منا لا عيوب فيه، ولكن حذاء”إمام” أنظف من كل الموسيقيين العرب

  • في “الواد يا يويو” تناولت نموذج المثقف الانتهازي، وأريد معرفة رأيك بالمثقف الراهن…؟

** ضاحكاً، سأقول ما قاله لهم الوزير: “كلهم دخلوا الحظيرة”.. هناك من المثقفين من ينعمون بشكل خيالي، وبالمقابل هناك المثقف الآخر، ومن يريد أن يواجه بشكل حقيقي، فهو يعرف ما النتائج وما التضحيات الواجب تقديمها

  • في “جيفارا مات” اقتراب من القص الشعري، ومشهدية عالية، هل هناك تخطيط مسبق للكتابة هنا؟!

** لا…القصيدة اندفعت مرة واحدة كالرصاصة، فلم نصدق موت جيفارا، كتبتها وسارعت للشيخ إمام “لقراءتها” وبقينا حتى الفجر لتلحينها، هكذا تم الأمر.

  • اختارتك المجموعة العربية سفيراً للفقراء إلى جانب نلسون مانديلا، فغمزت من قناة سفراء النوايا الحسنة..لماذا؟

** “ضاحكاً”…لأن الفقراء لا يؤمنون بالنوايا الحسنة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل