معاذ عبد الرحمن الدرويش – حرية برس:
رغم أن الطائرات لم تغادر سماءها ولم تهدأ القذائف والصواريخ عنها على مدار الأوقات والفصول، إلا أن الأبطال في كفرزيتا من نوع مختلف، كانوا يتنقلون هم وتلاميذهم من حي إلى حي ومن قبو إلى قبو هاربين من جحيم الموت لكي يزرعوا شرنقة للحياة.
يعلمون حروف الحياة لأجيال الحرب، يزرعون الأمل في أطفال لم يعرفوا من الدنيا سوى لغة الموت، أولئك الأبطال الذين غامروا بأرواحهم من أجل أن تبقى شعلة العلم أقوى من نار الحرب.
و الأكثر عجباً عندما تعرف أن هؤلاء المغامرين الأبطال كانوا يعملون كمتطوعين وبدون أي أجر أو أي مقابل مادي أو معنوي، يغامرون بأرواحهم في سبيل حياة الأجيال القادمة والأمة.
وكان منهم من يعمل أي عمل (حتى لوكان يدوياً) خارج أوقات الدوام كي يؤمن لعائلته لقمة العيش.
يقول أحد المعلمين “في إحدى المرات عمم على القبضات أن هناك طيران بالأجواء، فخرجنا نحن والطلاب من المدرسة إلى أحد الأقبية المجاورة وبالفعل جاء طائرات الأسد وبدأ بالقصف وكان قريباً جداً منا، ثم غادرت الطائرات، فخرجنا من القبو نحن والطلاب وعدنا إلى المدرسة لكي نكمل يومنا التعليمي”.
وأضاف المعلم “مع بداية الهدوء النسبي الذي شهدته البلدة بعد الإتفاق التركي الروسي ومع عودة نسبة كبيرة من أهالي البلدة، ازداد عدد الطلاب بشكل كبير حتى وصل إلى أكثر من 1500 طالب وطالبة، وهذه الزيادة لا بد أن يقابلها زيادة مكافئة في الكادر التعليمي، ليقوم أكثر من 80 معلماً ومعلمة من بلدة كفرزيتا بتلبية نداء أبنائهم للتعليم، وعادوا إلى كفرزيتا ليلتحقوا مع اخوانهم بالعمل التعليمي التطوعي”.
قد تكون الثورة خسرت معركتها العسكرية مع نظام الأسد المجرم وحلفائه، لكن ما دام هناك من يؤمن بالثورة بهذه الصورة ويعمل لأجلها بهذا الأسلوب لا بد أن يكتب لها النصر وإن طال الزمن.
ففي كل الثورات والحروب عبر التاريخ تجد تحت رمادها مآسي لم تكن ظاهرة من قبل، إلا في حالة الثورة السورية فتحت رماد نارها هناك شجرة حياة تتجذر وستخرج ذات يوم منتصرة على النار ذات يوم بإذن الله.
عذراً التعليقات مغلقة