وضعت المعارضة السياسية جميع بيضها في سلة أستانا والتي تمثل المحور الروسي التركي الإيراني، وعزلت نفسها دولياً ووضعت نفسها طرفاً في صراع دولي وتجاذبات سياسية دولية واضحة، المعارضة السياسية أبدت قصوراً واضحاً في تعاطيها مع هذه التجاذبات وبدت أقرب للموقف الروسي منه للغربي وبالتالي فقدت فرصة هامة في تقدم ملفاتها دولياً، وهو سبب توقف عملية جنيف حيث لا يرى الأمريكان بأطياف المعارضة الحالية على اتساعها جسماً سياسياً قادراً على تحمل النتائج والقرارات الدولية التي ستصدر عن جنيف.
عدم حضور الأوروبيين والأمريكان لمحادثات أستانا يجعلها فاقدة لقوتها الدافعة في حال تبنت أي من الحلول في ظل رفض واضح منهم لما سينتج عنها وبالتالي أي قرار سيتم التوصل إليه سيتم تعطيله دولياً.
حضور ديمستورا كشاهد عيان يؤكد على عدم قدرة الأمم المتحدة على تجاوز الدور الأمريكي أيضاً وبالتالي شللها فيما لو حاولت هذه الدول تمرير قرار ما.
عمليا وبعد أحد عشر جولة من المفاوضات أو المحادثات وهو توصيف أقرب للحقيقة لم تطفو على السطح أي نتائج واضحة، باستثناء عملية تشكيل اللجنة الدستورية والتي تراوح مكانها ويبدو أنها تحتاج لعملية قيصرية قد تلد خديجاً مشوها يناسب ما يريده نظام الأسد.
الملفات المطروحة تثير الاستغراب فوجود ملف خاص بادلب مثلاً دليل على ضعف موقف المعارضة سياسياً وعسكرياً فإدلب تبدو وكأنها ملف تركي بامتياز وبالتالي لا قيمة لوجود المعارضة سياسياً وعسكرياً وهي غير قادرة على اتخاذ أي قرار بعيداً عن الرؤية التركية وبالتالي اختزال المسألة السورية بالحدود التركية السورية وتحويل إدلب إلى دويلة يتم التفاوض عليها هو أيضا قصور في رؤية المعارضة.
الروس يبحثون عن مكاسب أخرى يحققونها فكما استطاعوا تفكيك المعارضة المسلحة وهزيمتها عبر اتفاقيات خفض التصعيد التي أُجبرت المعارضة بشقيها السياسي والعسكري على قبولها ومن ثم تفرد الروس بالحل وسهولة التحرك واسقاط تلك المناطق واحدة بعد الأخرى عسكرياً.
تسعى روسيا في هذه الجولة لتمرير ملف إعادة الإعمار وبالتالي التخلص من ملف اللاجئين الذي هو ورقة تثقل كاهلها وتم رفضه من قبل الأمريكان والأوربيين فيما يبدو أن المعارضة تتجه للقبول به فالقبول بمجرد طرحه هو تنازل واضح من قبلها وعدم ربط إعادة الإعمار بالحل السياسي هو خطأ فادح تقع به المعارضة وورقة رابحة سيأخذها الروس معهم عند بدء المفاوضات الحقيقية ويستخدمونها كورقة ضغط على المجتمع الدولي باعتبار أن من وقعها هم ممثلوا المعارضة السورية.
في حسابات الربح والخسارة جميع من حضر أستانا قد ربح شيئاً ما، باستثناء المعارضة السورية التي تستمر بتقديم التنازلات.
آستانا هي مضيعة للوقت ريثما يتم التوصل لتوافقات دولية حقيقية تؤدي لانطلاق عملية مفاوضات حقيقية تشرف عليها جميع القوى الدولية وبالتالي لا أعتقد بوجود ممثلي المعارضة الحالية كطرف في تلك المفاوضات لأنهم يكونوا قد فقدوا جميع أوراقهم السياسية وأوراق الضغط والقبول الشعبي وعندها يحين أوان استبدالهم …
عذراً التعليقات مغلقة