شعارات بداية الثورة تعود إلى جدران درعا

جمعة الحمود29 نوفمبر 2018آخر تحديث :
شعارات بداية الثورة تعود إلى جدران درعا

ظهور شعارات مناهضة للنظام بدرعا -التي عادت لسلطة الأسد مؤخراً بدعم روسي وايراني- وانقسام على خلفية تشكيل “المقاومة الشعبية”.

استفاقت عدد من قرى و بلدات درعا جنوب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية على شعارات مناهضة لنظام الأسد، إذ انتشرت كتابات على جدران بعض الأبنية والمحال التجارية والمدارس من خلال “عودة الرجل البخاخ” ، وكان من هذه الشعارات “يسقط بشار، الثورة مستمرة، الموت ولا المذلة، يسقط البعث، عاشت الثورة حرة أبية، حرية وبس” والتي صدحت بها حناجر المتظاهرين في الشوارع والساحات العامة في الأيام الأولى لانطلاق الثورة وحراكها السلمي الذي طالب بالحرية والكرامة والمساوة والعدالة الاجتماعية.

سلطات النظام في درعا، عملت على إزالة جميع الكتابات المناهضة للنظام، والشعارات المؤيدة للثورة؛ وكتابة شعارات تمجّد النظام بدلاً عنها، وسارع إلى اعتقال عدد من أبناء ريف درعا الغربي للاشتباه بأنهما من خطّوا عبارات مناوئة للنظام في بلدة “المزيريب”، كما باتت دوريات عسكرية تابعة للنظام تجوب المدن والبلدات تحسباً لعودة ظهور الشعارات والقبض على الفاعلين. وطالب قوات النظام أصحاب المحال التجارية في جنوب سوريا بطلاء واجهات محالهم بـ”العلم الرسمي” مهددة المتخلف عن ذلك بالعقوبة والغرامة.

ظهور الشعارات المناوئة لسلطة الأسد، جاء على خلفية استمرار تجاوزات قواته في اعتقال عناصر من المعارضة سابقاً، من الذين تمَّت تسوية وضعهم، أو الذين لم يتم تسوية أوضاعهم أيضاً.

في غضون ذلك، انتشرت مؤخراً أنباء عن تشكيل “المقاومة الشعبية” في جنوب سوريا، وأخبار عن عمليات ضد قوات الأسد نفذتها في درعا، البعض أثارتهم الريبة حول حقيقة تشكيل “المقاومة الشعبية” ومن يقف وراءها ، معتبرين أن ذلك قد يكون شمَّاعة لاستدراج من بقي من أبناء الجنوب “ممن يحمل فكر التسلّح ضد قوات وسلطة النظام” بهدف القضاء عليهم، ويرجعون ذلك إلى الوجود العسكري الكبير لقوات النظام داخل محيط المدن والبلدات التي سيطر عليها مؤخراً في حوران، وسهولة حصر أي تحركات مضادة ومراقبتها، ووجود أذرع للنظام بين المدنيين للكشف عن المشتبه بهم أو من لهم خلفية عسكرية في المعارضة سابقاً. إضافة الى تنامي ظاهرة الحراك السلمي العلني بين المدنيين في جنوب سوريا، ما يفسّر رغبة الأهالي في عدم تقييد حريتهم بعيداً عن التسليح، وإعادة الحياة المدنية دون أي تجاوزات وخروقات من قِبل قوات الأسد.

وشهدت مناطق الجنوب “بعد دخول النظام الى المنطقة باتفاق مع الجانب الروسي” عدة حوادث تؤكد الحراك السلمي العلني، مثلما حدث مؤخراً في مدينة الحراك شرق درعا بالاعتصام أمام مخفر المدينة للمطالبة بشاب تم اعتقاله على أحد حواجز المدينة، بعد ضربه لعنصر تابع للنظام قام باستفزازه؛ وخروج مظاهرة في مدينة بصرى الشام تطالب بالمعتقلين وكشف مصيرهم، ومثلها في مدينة درعا البلد.

دلالات ذلك أن لا عودة لما كان قبل العام 2011، وأن جيل الثورة الناشئ لن يتراجع عن مطلب التغيير، وهو قادر على إحياء الثورة والتمرد بأي لحظة، بعد أن كسر حاجز الخوف وأسقط أسطورة الرعب بدماء شبابه وعذابات معتقليه، وأن إعلان انتهاء الثورة أو موتها أو حتى فشلها هو ضرب من الخيال مهما تعاظمت آلة قمعها، فالأحداث المرتبطة بها يمكن أن تتراجع وتشهد انكسارات، لكن الثورة نفسها لا تموت ولا تنتهي، فالتاريخ نفسه يخبرك بأن الفوضى والدماء والارتباك، من أهم الأعراض المؤقتة التي تظهر على البلاد التي تصيبها ثورة، وأنها أعراض ضرورية وحتمية حتى يتخلص جسم الوطن من كل أمراضه، فالأحداث والتراكمات والتحولات التاريخية هي التي تصنع نجاح الثورات، وأن الثائر سيظل يقاوم إلى آخر رمق، دون الالتفات لموازين القوى متسلحاً بإرادة التحدي التي يعلو فيها الحق ولو كان ضعيفاً، ويهزم الباطل حتى لو كان قوياً.

لذلك فإن المرحلة الأخيرة التي مرت على جنوب سوريا، مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصاً بعد بقاء أعداد كبيرة من الثوار والمعارضة سابقاً في الجنوب ممن رفضوا التهجير إلى شمال سوريا، وعودة الشعارات المناهضة للنظام في الجنوب مع استمرار خروقات قوات النظام واعتقال العشرات من أبناء المنطقة رغم اتفاق التسوية والمصالحات، ما يدفع الشباب في الجنوب إلى الرد على انتهاكات النظام، فالمنطقة تحوي خزاناً بشرياً قد ينفجر في أي لحظة إذا ما استمرت الخروقات والتجاوزات ضد الأهالي والمدنيين، حيث دعت ” المقاومة الشعبية ” في بيان لها الأهالي والعشائر في حوران إلى مساندتها ضد ظلم النظام، وحذرت من أنها تعتبر كل من يتعاون معه خائناً لبلاده، وستتم المحاسبة عاجلاً غير أجل ودون أي استثناء.

ويرى مراقبون أن النظام يدرك أهمية الجنوب والحفاظ على ما وصل إليه من السيطرة على هذه المنطقة الحدودية وعدم عودة الأعمال العسكرية اليها، لذلك يحاول النظام الآن إعادة تعويم نفسه في الجنوب من خلال التقرب من وجهاء المنطقة والأهالي، من خلال عدة زيارات قامت بها شخصيات رسمية عسكرية ومدنية لمحافظة درعا مؤخراً، حيث زار محافظة درعا عدد من أعضاء مجلس الشعب وجميل الحسن مسؤول إدارة المخابرات الجوية في نظام الأسد، وأحمد بدر الدين حسون مفتي سلطة النظام.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل