مسرحية “كيماوي” في حلب.. اتفاق سوتشي على المحك

فريق التحرير26 نوفمبر 2018Last Update :
توقيع الاتفاق الروسي التركي بخصوص إدلب في منتجع سوتشي بروسيا 17 سبتمبر 2018 – AFP

مالك الخولي – حرية برس

شهد يوم الأحد تصعيداً روسياً غير مسبوق على إثر مزاعم نظام الأسد بشن المعارضة لهجوم بغازات سامة على أحياء تخضع لسيطرته في مدينة حلب، ويعد هذا التصعيد الأول من نوعه من جانب موسكو بعد توقيع اتفاق سوتشي بين الرئيسين الروسي والتركي في أيلول/ سبتمبر الماضي.

حيث شنت مقاتلات حربية روسية غارات جوية استهدفت مناطق تخضع لسيطرة الجيش الحر في غربي محافظة حلب. وقال مراسل “حرية برس” إن طائرات العدوان الروسي استهدفت بصواريخ جو-أرض منطقة الراشدين الخامسة وبلدة خان طومان غربي مدينة حلب، بالقرب من نقطة مراقبة للقوات التركية.

في غضون ذلك استهدفت قوات الأسد بالمدفعية والصواريخ مناطق بمحافظة حماة، ما أسفر عن إصابة مدنيين بجروح. ووفق مراسل “حرية برس” فإن ثلاثة مدنيين بينهم سيدة أصيبوا نتيجة قصف قوات الأسد بالمدفعية لمدينة كفرزيتا وبلدة كفرنبودة، كما طال القصف مدينتي مورك واللطامنة.

ويأتي التصعيد عقب اتهامات أطلقها نظام الأسد وتبنتها روسيا بتنفيذ فصائل المعارضة لهجوم بغازات سامة في مدينة حلب مساء السبت، قالت إنه أسفر عن إصابة 107 أشخاص بحالات اختناق، في وقت نفت المعارضة تلك المزاعم، متهمة نظام الأسد بتنفيذ الهجوم في مناطق سيطرته.

ونفى القيادي في “الجبهة الوطنية للتحرير” النقيب “عبد السلام عبد الرزاق” ، مزاعم نظام الأسد وروسيا بقيام فصائل الثوار بقصف مدينة حلب بالغازات السامة، وقال عبد الرزاق لحرية برس إن “هذا الأمر عار عن الصحة فالجميع يعلم أننا لا نملك أسلحة كيميائية ولا مختبرات أو وسائط استخدامها، إن حدثت حالات اختناق فهي بالتأكيد نتيجة لقصف ميليشيات الأسد”.

مسرحية مكشوفة

مع زعم نظام الأسد تعرض أحياء تخضع لسيطرته لهجوم بغازات سامة، بدا واضحاً التخبط الروسي حيال كيفية استثمار هذه المزاعم، حيث سرعان ما أعلنت موسكو تبني رواية النظام متهمة “هيئة تحرير الشام” بشن الهجوم بمشاركة “الخوذ البيضاء”، داعية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى إدانة الهجوم.

وقالت موسكو إن الهجوم تم بقذائف هاون عيار 120 مم خرجت من منطقة تدعى “البريكيات” غربي حلب، وهي منطقة لا وجود لها على الخريطة. ومن ثم نفذت مقاتلاتها ضربات جوية هي الأولى منذ إبرام اتفاق سوتشي، واستهدفت تلك الضربات مواقع للجيش الحر في غربي حلب، من ثم قالت موسكو إنها قضت على منفذي الهجوم المزعوم، في تناقض صارخ لروايتها.

إلى ذلك، نفت مصادر في المعارضة بشدة امتلاك الفصائل لأي نوع من الأسلحة الكيميائية أو الغازات السامة وأدوات تشغيلها، متهمة النظام بإقامة مسرحية تحت إشراف روسي.

الكاتب الصحفي أحمد كامل أكد احتكار نظام الأسد للأسلحة الكيميائية وعدم امتلاك أي جهة أخرى لهذه الأسلحة “على الإطلاق”.

وشدد كامل في حديثه لـ”حرية برس” على هذه النقطة قائلاً: لا يوجد أي جهة في سوريا تملك أسلحة كيميائية سوى نظام الأسد، ولا أحد غير النظام يمتلك تقنيات استخدام هذه الأسلحة، ولا يوجد أحد غير النظام لديه الرغبة والحاجة لاستخدام السلاح الكيماوي.

وتابع الكاتب الصحفي: “لا يمكن إلا لمعتوه أن يصدق امتلاك الثوار لمثل هذه الأسلحة الفتاكة وقيامهم باستهداف أهلهم بها، هذه حلقة من التخريف الروسي والإيراني الذي لا ينتهي، إنهم يكذبون إلى ما لا نهاية”.

الضغط على تركيا

وفي وقت لا تخفي موسكو عدم رضاها عن تنفيذ اتفاق سوتشي بشأن شمال غربي سوريا، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الخميس إن الصعوبات في إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب لا تزال قائمة. في حين تسارعت وتيرة المباحثات بين طرفي الاتفاق في الأيام الأخيرة.

وفي هذا الصدد رأى الصحفي السوري عمر إدلبي أن التصعيد الروسي بالقصف الجوي في غرب حلب، والاتهام الكاذب لفصائل الثوار والمعارضة بقصف حلب بالغازات السامة هو محاولة مكشوفة للتنصل من موجبات اتفاق سوتشي لخفض التصعيد في الشمال السوري، وهذا التصعيد يهدد بانهيار الاتفاق جدياً، ويبدو أنه محاولة روسية للتخلص من العبء السياسي للاتفاق، من حيث كونه يكرس ضعف نظام الأسد وعدم قدرته ومعه روسيا وإيران على طي ملف الصراع في سوريا وإنهاء الثورة السورية، خاصة أن الروس يدركون أنهم مطلقو اليد في معظم مناطق سوريا من قبل واشنطن، وأنهم لن يواجهوا أي اعتراض ذي بال من قبل أي دولة لو أرادوا المضي قدماً في اجتياح وتدمير المناطق المحررة في الشمال السوري وتهجير ما تبقى من السوريين الرافضين حكم نظام الأسد.

وأضاف رئيس تحرير “حرية برس”: لطالما أكدت روسيا ومعها نظام الإجرام في دمشق أن اتفاق سوتشي بخصوص إدلب هو إجراء مؤقت وأن استعادة السيطرة على إدلب وباقي المناطق المحررة في الشمال السوري هو هدف استراتيجي لنظام الأسد وحلفائه، لذلك لا نستغرب تصعيد القصف في الأيام الأخيرة من قبل قوات بوتين والأسد على مناطق عديدة في شمال حماة ومواقع متفرقة في إدلب وغرب حلب ونعتقد أن هذا القصف هدفه إيصال رسالة واضحة تقول أن اتفاق سوتشي ليس للتطبيق، وأن القوة لا السياسة هي أداة نظام الأسد وحلفائه للتفاوض مع المعارضة.

وشدد إدلبي على أن التطورات في غرب حلب والقصف المتواصل على مناطق في إدلب وشمال حماة يقتضي وقفة جادة من الضامن التركي، وأنه في حال لم يتحرك الأتراك فإن المنطقة مهيئة لتشهد معارك دامية ومأساة حقيقية لملايين المدنيين من أهلها والنازحين إليها.

رسالة روسية-إيرانية مشتركة

ويرى كثير من المراقبين أن إيران تلعب دور المحرض الرئيسي وراء الاستفزازات المستمرة وانتهاك نظام الأسد لاتفاق سوتشي في الشمال المحرر.

العقيد مصطفى البكور القيادي في جيش العزة قال لـ”حرية برس” إن التصعيد بأيدٍ إيرانية وإشراف روسي هو رسالة روسية إيرانية مشتركة بأن الاتفاق الروسي الأمريكي على إخراج ايران من سوريا لا يعني تفكك الحلف الروسي الإيراني.

ويعتقد البكور أن غاية روسيا من التصعيد الضغط على تركيا لتسريع تنفيذ بنود الاتفاق، وذلك لقطع الطريق على أي تقارب تركي أمريكي متوقع في الأسابيع والأشهر القادمة. كما أنه رسالة روسية إلى الأتراك بانهم إذا استمروا في عملية التقارب مع الغرب فإن الروس قادرون على قلب الطاولة عليهم.

وحول مدى استجابة تركيا لتلك الضغوط يرى البكور أن تركيا تلعب على عامل التناقضات الدولية وعلى عامل الوقت فيما يتعلق بالخلافات الروسية الأمريكية من أجل تحقيق مصالحها وعلى رأسها مسألة الأكراد.

واختتم البكور حديثه بالإشارة إلى أن “تمثيلية الكيماوي هي حلقة من مسلسل طويل تم تنفيذ حلقات سابقة منه في الغوطة وخان شيخون وغيرها من الأماكن” ولم يستبعد تكرارها في أماكن أخرى.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل