متى ننتهي من مهزلة أستانا؟

زكي الدروبي24 نوفمبر 2018آخر تحديث :
متى ننتهي من مهزلة أستانا؟

بحثت طويلا عن إنجاز تم تحقيقه من مسار آستانا منذ أن بدأ وحتى اليوم، لكن وجدت صعوبة كبيرة في إيجاد أي إنجازات تم تحقيقها من مسار آستانا، فقد ترافقت كل لقاءات استانا الماضية مع تراجع في المساحات الخارجة عن يد نظام الأسد وإجرام غير معهود ودماء أطفال ونساء وشيوخ تسيل في شوارع الوطن الجريح وتهجير للسكان من مدنهم وقراهم وحصرهم في شمال غرب سوريا.

هل يمكن نسيان كل جولات آستانا الماضية وما حدث بعيد كل جولة؟

لا يمكن أن ننسى ما حدث في حلب وفي الغوطة الشرقية وفي حمص الشمالي وفي درعا وفي .. وفي .. ، وكل هذا حدث وفق مسار آستانا الذي يفترض خفض التصعيد في مناطق محددة واقتصار العمل العسكري على مواجهة الإرهابيين فقط، وهذا ما اتفق معه من ناحية المبدأ لكني اختلف كثيراً مع من يستخدمه كذريعة لأجل استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية وتجريب أسلحتهم الذكية والغبية في سوريا الجريحة، لكن مع أنظمة مثل نظامي بوتين والأسد لا يمكن الوثوق في تعهداتهم ومع مجتمع دولي متخاذل تحول هدف القضاء على الإرهاب الذي أوافق عليه من ناحية المبدأ كما قلت سابقاً إلى حرب إبادة للشعب السوي لكسر إرادته والالتفاف على إرادة الحرية التي طالب بها.

لقد كانت الصراعات الجانبية والأنا المتضخمة لدى الكثير من القوى الوطنية المؤمنة بإسقاط نظام الأسد المستبد والانتقال للدولة المدنية الديمقراطية، سبباً مهماً من أسباب فراغ الساحة السياسية السورية وتنطع العسكر والمتسلقين على أكتاف ثورتنا اللاهثين وراء دور ومجد شخصي، عملاء أجهزة المخابرات الدولية المختلفة، ينفذون مصالحها على حساب مصلحة الثورة، ليتحدثوا باسم ثورة لم يقدموا لها سوى الفشل تلو الفشل في العسكر والسياسة، وآن لنا أن نصرخ بوجههم ونقول لهم كفى متاجرة بدماء الشعب السوري.

هل نذّكر من سيذهب إلى آستانا بغوطة دمشق وقبلها حلب وبعدها حمص الشمالي وبعدها درعا و…؟، هل نذّكر من نام على حذائه في المطار بعد أن طرد من سوتشي الذاهب إليها رغم إرادة الشعب الذي قال كلمته يومها رافضاً للمؤتمر بأن هذه ثورة الحرية والكرامة، وقد قال الشعب كلمته في رفض مسار آستانا، وأي مسار خارج مسار جنيف والأمم المتحدة.

ألم يحن الوقت بعد لهؤلاء المتسلقين على دماء شهداء سوريا ليستفيقوا من سباتهم؟ ألم يحن الوقت ليصحوا من غفلتهم ويحترموا إرادة الشعب الذي رفض مسار القتل والتهجير؟.

يمكن للشخص البسيط غير المتعلم وغير السياسي أن يكتشف بسهولة خطورة مسار آستانا على الثورة السورية بما يمثله من انحراف عن مسار جنيف وقرارات الأمم المتحدة، فما بال من تنطع لتمثيل شعب عظيم قدم الغالي والنفيس في سبيل حريته وكرامته والذي يفترض به أن يعمل لصالح هذا الشعب وليس لصالح ذاتيته وأنانيته وحزبيته، وليس لتنفيذ أجندات الدول المختلفة وعلى رأسها روسيا المحتلة والقاتلة للشعب السوري.

يمكن للشخص العادي أن يعدد لمن سيذهب لآستانا الخيبات التي تمت بعيد كل لقاء، والأماكن التي سلمت لنظام الأسد، وأعداد الناس التي هجرت من بيوتها وأراضيها، كما يمكن أن نذّكره بأنين المعتقلين الذين كان يفترض أن يخرجوا من معتقلات الأسد وأن مسار آستانا خلق من أجل تطبيق وثيقة جنيف وقرارات الأمم المتحدة التي تتحدث عن إطلاق سراح المعتقلين ووقف القصف قبل بدء العملية التفاوضية دون أية شروط، لكن الذي حصل أن أسماء المعتقلين خرجت لتسجل كحالات وفاة لأسباب مرضية في سجلات الأحوال المدنية بعد أن تم تصفيتهم في إعدامات ميدانية دون محاكمة أو تحت التعذيب، فهل استطاع مسار آستانا أن ينقذ حياة معتقل ما؟!

يمكن القول إن من سيذهب لآستانا هو ليس فقط خارج إرادة الثورة والشعب، بل هو شريك نظام الأسد في قتل الشعب السوري وسيكون عدواً للشعب السوري وثورته.

يقال في الأمثال الشعبية “من جرب المجرب عقله مخرب”، كما يقال “الحمار لا يقع في نفس الحفرة مرتين”، وقد شهدنا جولات آستانا الماضية كاملة وما حدث فيها، فهل سيستفيق حميرنا ويتوقفون عن الوقوع في نفس الحفرة؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل